بعد أكثر من ستة عقود على فقدان زوجها في واحدة من أبرز محطات اليمن التاريخية، غيب الموت اليوم حرمة الثائر اليمني الشيخ حميد بن حسين الأحمر، التي وافتها المنية في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية.
وأكدت مصادر مقربة من أسرة الأحمر أن العزاء سيُستقبل غدًا الثلاثاء في منزل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر بمنطقة الحصبة في العاصمة صنعاء، حيث ستتوافد قيادات سياسية وشخصيات اجتماعية لتقديم واجب العزاء في الفقيدة التي ظلت شاهدة على حقبة مفصلية من تاريخ اليمن.
زوجة شهيد... وحارسة الذاكرة
عاشت الفقيدة ما يزيد عن 65 عامًا تحمل لقب "زوجة الشهيد"، حيث ظل اسم زوجها حميد بن حسين الأحمر محفورًا في ذاكرة اليمنيين كأحد أوائل الذين تصدوا لنظام الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين. وعلى مدى هذه السنوات، كانت حريصة على نقل إرث زوجها النضالي ، وعلى تذكير الأجيال بتضحياته التي شكلت إحدى اللبنات الأولى في طريق الجمهورية.
حميد بن حسين الأحمر.. الثائر الذي دفع حياته ثمنًا
ولد حميد في بيت قبلي كبير، ونشأ وسط بيئة تعتز بدورها الاجتماعي والسياسي. أواخر خمسينيات القرن الماضي، أصبح أحد رموز الحركة الوطنية الساعية لإسقاط الحكم الإمامي، متحالفًا مع ضباط ومثقفين وزعماء قبائل في انتفاضة قبلية حملت في طياتها أولى ملامح مشروع الجمهورية.
لكن الانتفاضة باءت بالفشل بعد قمع شديد من قوات الإمام أحمد، الذي أمر بإعدامه مع والده الشيخ حسين بن ناصر الأحمر في 12 يناير 1960م تقريبًا. وتم تنفيذ الحكم بالسيف في مدينة الحديدة، بعد أن خُدع الأب والابن بوعود الأمان.
أدى إعدامه إلى موجة غضب قبلي، دفعت قبائل حاشد إلى التحول الكامل لدعم الحركة الجمهورية، ليصبح حميد رمزًا للتضحية في سبيل الحرية.
حياة بعد الفقد
رحلت زوجته اليوم، لكنها ظلت طوال عقودها تحمل عبء الغياب، ا وحمل إرثه النضالي. وظل بيت الأحمر طوال هذه الفترة مركزًا للتأثير السياسي والاجتماعي في اليمن، بقيادة أبنائه وأحفاده، الذين ساروا على خطى والدهم في العمل الوطني والاجتماعي.
أثر باقٍ
إعدام حميد لم يطفئ جذوة الثورة، بل كان أحد الشرارات التي ألهبت ثورة 26 سبتمبر 1962م وأسقطت النظام الإمامي. ولا يزال اسمه حاضرًا في الذاكرة الوطنية كأحد رموز النضال المبكر، بينما رحلت زوجته اليوم تاركة خلفها قصة وفاء ممتدة لأكثر من نصف قرن.