أعلنت ميليشيا الحوثي، اليوم الخميس، تعيين يوسف المداني، المكنّى بـ"أبو حسين"، رئيساً لهيئة الأركان العامة لقواتها، خلفاً لمحمد عبدالكريم الغماري الذي أُعلن مقتله إلى جانب نجله وعدد من مرافقيه.

ويمتلك المداني مسيرة عسكرية تمتد لأكثر من عقدين في صفوف الميليشيا، وكان ذات يوم من المرشحين لقيادة الميليشيا بعد مقتل مؤسسها حسين الحوثي عام 2004، ومؤخرا تصاعدت أهميته مع توليه قيادة المنطقة العسكرية الخامسة ومسرح عملياتها على الساحل الغربي والبحر الأحمر، حيث شهدت المنطقة هجمات واسعة للميليشيا استهدفت طرق التجارة الدولية.

فمن هو؟

وُلد يوسف حسن إسماعيل المداني عام 1977 في عزلة أبو دوار بمديرية مستبأ بمحافظة حجة شمال غربي اليمن، ونشأ وتعلّم في محافظة صعدة، المعقل الرئيس للجماعة. وينحدر من أسرة ذات جذور إمامية تقليدية، إذ كان والده أحد أعضاء الوفد الإمامي في مؤتمر حرض عام 1965 الذي جمع الملكيين والجمهوريين عقب ثورة سبتمبر، وفقاً لمصادر عسكرية يمنية.

والمداني متزوج من ابنة مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي، ما يجعله جزءاً من الدائرة العائلية الضيقة المحيطة بزعيم الجماعة الحالي عبدالملك الحوثي، وأحد أكثر الشخصيات نفوذاً داخلها.

انخرط المداني مبكراً في الفكر الحوثي وشارك في جميع حروب صعدة الست ضد الدولة بين عامي 2004 و2010، وبرز خلالها كأحد القادة الميدانيين المقربين من عبدالملك الحوثي.

وبحسب تحقيق "الحوثيون من الداخل" الذي أعدّه الباحث عدنان الجبرني لـ"المصدر أونلاين"، كان المداني أحد الأسماء البارزة في قيادة الجماعة بعد مقتل حسين بدر الدين الحوثي عام 2004، وكان يُنظر إليه آنذاك كأحد أبرز المرشحين لقيادتها، نظراً لدوره الميداني في الحرب الثانية وكفاءته التنظيمية وصلاته العائلية بالمؤسس.

لكن في نهاية عام 2005، وتحديداً مع بداية الحرب الثالثة، جيء بعبدالملك بدر الدين الحوثي إلى قيادة الجماعة بعد أن تمكّن والده من إقصاء المتنافسين على القيادة، وفي مقدمتهم عبدالله الرزامي ويوسف المداني اللذان قادا الحرب الثانية ضد الدولة، فيما كان عبدالملك حينها مختبئاً مع والده في جبال وكهوف "مطرة" الوعرة.

ووفقاً للتحقيق، فإن بدر الدين الحوثي التفّ على المداني عندما جاءه الأخير طلباً لمباركته بعد إسهاماته العسكرية، وقال له بدر الدين: "سأتولى القيادة، وسأرسل الولد عبدالملك ممثلاً عني في الميدان".

تلقى المداني تدريبات عسكرية وأمنية في إيران ولبنان على أيدي مدربين من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، وعاد ليساهم في تأسيس النواة الأولى للجناح العسكري للجماعة، وأسهم في بناء هيكلها القتالي وتنظيمها الميداني.

شارك لاحقاً في اجتياح صنعاء عام 2014، وقاد المجاميع التي اقتحمت دار الرئاسة، قبل أن يُعيَّن في أبريل 2017 قائداً للمنطقة العسكرية الخامسة ومقرها مدينة الحديدة، مع منحه رتبة لواء، بحسب موقع "ديفانس لاين".

منذ توليه قيادة المنطقة، عمل المداني على بناء القدرات العسكرية والبحرية للجماعة في الساحل الغربي، وأشرف على إعادة تفعيل الكلية البحرية وتخريج أول دفعة من المقاتلين الحوثيين مطلع 2017، وأنشأ كتائب عقائدية وسرايا نخبوية دُرّب أفرادها في إيران ولبنان وسوريا، إلى جانب ضباط يمنيين موالين للجماعة.

وفي نهاية العام نفسه، حضر رئيس المجلس السياسي الأعلى آنذاك، صالح الصماد، حفلات تخريج دفعات بحرية في الحديدة وحجة، في مؤشر على تسارع خطة عسكرة الساحل الغربي بإشراف المداني، الذي صار يوصف داخل الجماعة بـ"حارس البحر الأحمر" و"قنّاص السفن".

ووفقاً لـ"ديفانس لاين"، تولّى المداني الإشراف المباشر على مختلف تشكيلات القوة في الساحل الغربي، بما في ذلك القوات البرية والبحرية والدفاع الساحلي وخفر السواحل.

وتقول مصادر عسكرية إن المداني أشرف شخصياً على الهجمات البحرية الحوثية التي بدأت الجماعة تنفيذها في البحر الأحمر منذ نوفمبر 2023، ضمن استراتيجية الضغط الإيرانية على الملاحة الدولية.

يُعد يوسف المداني من أبرز القيادات الحوثية المدرجة على قوائم العقوبات الدولية، إذ فرض مجلس الأمن الدولي عليه عقوبات عام 2014 بموجب القرار رقم (2140) بتهمة تهديد السلم والأمن في اليمن.

وأصدرت المحكمة العسكرية في مأرب عام 2020 حكماً بإعدامه، بينما يخضع للمحاكمة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في عدن بتهم تتعلق بالانقلاب المسلح وارتكاب جرائم حرب.

وفي عام 2017، رصدت السعودية مكافأة قدرها 20 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عنه، فيما أدرجته وزارة الخزانة الأمريكية عام 2021 ضمن قائمتها السوداء بسبب دعمه العمليات القتالية وصلاته المباشرة بالحرس الثوري الإيراني.