الرئيسية من نحن النسخة الكاملة
العفو الدولية تجدد دعوتها لواشنطن للتحقيق في استهـداف سجن بصعدة وتعتبره جريمة حرب أودت بحياة عشرات المهاجرين
الاربعاء 29 اكتوبر 2025 الساعة 12:44

جددت منظمة العفو الدولية، اليوم الأربعاء، مطابلتها للولايات المتحدة الأمريكية  للتحقيق في غارة جوية نفذتها على سجن صعدة باعتبارها جريمة حرب أودت بحياة عشرات.

وقالت المنظمة في تقرير لها إن "تحقيق جديد متعمق أجرته خلص إلى أن الغارة الجوية الأمريكية على مركز احتجاز المهاجرين في صعدة شمال غرب اليمن في 28 أبريل 2025، التي قتلت وأصابت عشرات المهاجرين الأفارقة، تشكل هجوماً عشوائياً. ويجب على السلطات الأمريكية التحقيق فيها فوراً وبشفافية باعتبارها جريمة حرب".

وأشارت المنظمة إلى أن "الهجوم نُفذ من قبل الجيش الأمريكي خلال (عملية الفارس الخشن)، وألحق أضراراً كارثية بالمدنيين من المهاجرين المستضعفين، وكان كثير منهم محتجزين لدى سلطات الأمر الواقع الحوثية في مركز الاحتجاز فقط بسبب وضعهم كمهاجرين غير نظاميين".

وأضافت في تقريرها أنها "استندت إلى "مقابلات مع 15 ناجياً، جميعهم مهاجرون إثيوبيون كانوا محتجزين في صعدة، وإلى تحليل أدلة رقمية، منها صور الأقمار الصناعية والصور والفيديوهات"، مشيرة إلى أن "التقرير أدلة دامغة على أن الولايات المتحدة، عند تنفيذها هذا الهجوم، أخفقت في الالتزام بواجبها بموجب القانون الإنساني الدولي في التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية".

وحسب التقرير فقد "أسفر القصف عن مقتل وإصابة العشرات من المهاجرين المحتجزين في المركز أثناء الهجوم. وتمكن الناجون الذين تحدثوا إلى منظمة العفو الدولية من تحديد أسماء وأعمار تقريبية لـ 16 من القتلى – جميعهم مهاجرون إثيوبيون، رجال، ومعظمهم في العشرينات من العمر".

وقالت نائبة المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية كريستين بيكرلي إن "ذلك كان إخفاقاً قاتلاً من الولايات المتحدة في الوفاء بأحد أهم التزاماتها الأساسية بموجب القانون الإنساني الدولي".

قالت بيكرلي: "الشهادات المفزعة من الناجين ترسم صورة واضحة لمبنى مدني مكتظ بالمحتجزين، تم قصفه دون تمييز. لقد كان ذلك إخفاقاً قاتلاً من الولايات المتحدة في التحقق من أن الهدف كان هدفاً عسكرياً".

وأضافت: "ينبغي أن يحصل الضحايا وأسرهم على تعويض كامل، بما في ذلك التعويض المالي. وبالنظر إلى أن الغارة قتلت وأصابت مدنيين، يجب على السلطات الأمريكية التحقيق في هذا الهجوم باعتباره جريمة حرب، وملاحقة كل من يثبت تورطه وفق مبدأ المسؤولية القيادية".

وذكرت المنظمة أنها "قدّمت طلباً رسمياً إلى القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) وقيادة العمليات الخاصة المشتركة (JSOC) في 27 أغسطس 2025، عرضت فيه نتائج تحقيقها وطلبت توضيح الهدف العسكري المزعوم والإجراءات الاحترازية المتخذة قبل تنفيذ الغارة".

وأضافت أن القيادة المركزية "ردّت في اليوم نفسه بردّ مقتضب، أوضحت فيه أنها ما تزال تقيّم جميع التقارير المتعلقة بالأضرار المدنية، مؤكدة أنها تتعامل مع هذه التقارير بجدية".

وأشارت إلى أنها "طلبت في 11 سبتمبر 2025 معلومات من سلطات الأمر الواقع الحوثية، بشأن استخدام مجمع سجن صعدة ومركز احتجاز المهاجرين وعدد المحتجزين وأوضاعهم أثناء الهجوم والإجراءات التي اتخذت – إن وجدت – لحمايتهم".

وقالت المنظمة إنه "قدمت وزارة العدل وحقوق الإنسان الحوثية ردين مفصلين في 24 سبتمبر و6 أكتوبر 2025، تضمنا معلومات عن أعداد المحتجزين ونفت أي مخالفات، وقدمت قائمة بالضحايا".

وأشارت إلى أنها "لم تجد العفو الدولية أي دليل على أن مركز احتجاز المهاجرين كان هدفاً عسكرياً. وأكد الناجون أن المكان كان مكشوفاً، وأن جميع من كانوا فيه مهاجرون محتجزون".

ووفق المنظمة فإن "المركز كان  جزءاً من مجمع سجن صعدة، الذي استخدمه الحوثيون منذ سنوات لاحتجاز المهاجرين، وكانت طبيعته المدنية معروفة على نطاق واسع، وقد زارته منظمات إنسانية"، مشيرة إلى أنه "في 21 يناير 2022، شن التحالف العربي غارة على منشأة احتجاز أخرى في نفس المجمع، مستخدماً ذخيرة أمريكية الصنع موجهة بدقة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 90 محتجزاً وإصابة العشرات"، - سبق للتحالف أن نفى ذلك -.

وقالت: "في ظل هذه السوابق، كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تعلم أن المنشأة هدف مدني، وأن أي هجوم جوي عليها سيؤدي إلى مقتل وإصابة عدد كبير من المدنيين. وينص القانون الإنساني الدولي على وجوب التحقق من كون الهدف عسكرياً، والامتناع عن الهجوم عند الشك".

قال جميع الناجين تقريباً إنهم "كانوا نائمين بين الساعة الرابعة والرابعة والنصف صباحاً عندما سمعوا انفجاراً قريباً، يُعتقد أنه غارة أمريكية على مبنى آخر في المجمع"، وفق تقرير العفو الدولية.

ولفت التقري إلى أن "صور الأقمار الصناعية أظهرت أن مبنى على بعد 180 متراً من مركز احتجاز المهاجرين دُمّر في اليوم نفسه، وقال الحوثيون إنه مبنى الإدارة"، وقالت إن "المهاجرين المذعورين هرعوا نحو البوابة وصرخوا طلباً للمساعدة، لكن الحراس أطلقوا النار في الهواء لإبقائهم داخل المبنى، وبعد دقائق وقعت الغارة الثانية على المركز."

وقال الحوثيون إن "117 مهاجراً أفريقياً كانوا محتجزين حينها، قُتل منهم 61 وأُصيب 56. ونفوا أن الحراس منعوا المحتجزين من الفرار، لكنهم لم يوضحوا إن كانوا حققوا في الحادث"، وفق العفو الدولية. - كان الحوثيون قد ذكروا أن عدد المهاجرين الذين كانوا داخل المركز لحظة الهجوم بلغ 115 شخصاً، قُتل منهم 68 وأصيب 47 آخرون -.

وأشرت إلى أن "الغارة تسببت بأضرار إنسانية جسيمة. من بين الـ15 ناجياً الذين تمت مقابلتهم، أُصيب 14 بجروح خطيرة دائمة، منها بتر أطراف، وإصابات في الرأس والعمود الفقري والصدر. اثنان فقدا ساقيهما، وآخر فقد يده، وآخر عينه"، وقال أحد الناجين، هاجوس" (20 عاماً): "تتمنى لو أنك متّ هناك… أستجدي المال من الأصدقاء للعلاج والأدوية"، فيما قال آخر، "ديستا"، الذي فقد عينه: "الهجوم كان فظيعاً… قتل كثيرين، وجعلنا معاقين، وترك البعض في حالة صدمة ورعب"، وقالت إنه "تم تغيير أسماء الناجين لأسباب أمنية".

وتطرقت العفو الدولية إلى أنه "بعد شهرين من الغارة، قال عشرة من الناجين إنهم ما زالوا يحتاجون إلى علاج طبي وجراحات إضافية، وإنهم يدفعون تكاليفها بأنفسهم رغم فقرهم".

وينص القانون الأمريكي، إلى جانب التزامات الولايات المتحدة الدولية، على حماية المدنيين. وتقر تعليمات وزارة الدفاع الأمريكية بشأن "تخفيف الأضرار المدنية والاستجابة لها" بوجوب اتخاذ تدابير إضافية تتجاوز ما يفرضه القانون الدولي الإنساني"،  وفق العفو الدولية.

وقالت: "لكن الأنظمة الأمريكية التي أُنشئت مؤخراً لتقليل الأضرار المدنية مهددة بالتفكيك من قبل إدارة ترامب. ودعت العفو الدولية الكونغرس الأمريكي لضمان استمرار هذه الآليات بتمويل كافٍ".

وأكدت أنه "يجب على الولايات المتحدة إجراء تحقيق سريع وشامل ومستقل وشفاف في الغارة الجوية على مركز احتجاز المهاجرين في صعدة ونشر نتائجه علناً."

بيكرليأضافت: "يستحق الناجون العدالة الكاملة، ويجب تعويضهم واستعادتهم وتأهيلهم وضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم."

ودعت العفو الدولية "سلطات الأمر الواقع الحوثية إلى التحقيق بشفافية في فشلها بإجلاء المهاجرين، وإنهاء احتجازهم التعسفي على أساس وضعهم كمهاجرين، ومنح الناجين إقامة مؤقتة لتلقي العلاج دون خوف من إعادة احتجازهم"، حسب التقرير الذي صدر فجر اليوم.

وسبق أن أصدرت العفو الدولية تقرير لها في مايو وقالت إن القيود المفروضة من قبل سلطات الحوثيين حالت دون التحقق المستقل من عدد الضحايا أو التحدث إلى الناجين، وسط تقارير عن حملة قمع تستهدف كل من يحاول نشر معلومات تتعلق بالغارات الأمريكية.

متعلقات