في مدينة هامترامك بولاية ميشيغان الأميركية، التي تعد من أكثر المدن تنوعاً ثقافياً وعرقياً في الولايات المتحدة، يبرز اسم آدم الحربي (Adam Alharbi) كأحدث وجه يمني مهاجر يسعى لتولي منصب عمدة المدينة خلفاً للعمدة الحالي أمير غالب، أول يمني في تاريخ الولايات المتحدة يتولى هذا المنصب.
في الانتخابات التمهيدية التي جرت في 5 أغسطس 2025 بمدينة هامترامك، تصدّر المرشح اليمني الأميركي آدم الحربي النتائج بحصوله على 1,931 صوتاً، وهي أعلى نسبة بين جميع المرشحين، وفق البيانات الرسمية، وتؤهله هذه النتيجة لمنافسة المرشح البنغلاديشي الأميركي موهيث محمود في الانتخابات العامة المقررة الثلاثاء القادم الموافق 4 نوفمبر 2025.
وُلِدَ آدم الحربي في محافظة إب باليمن، وهاجر إلى الولايات المتحدة في طفولته برفقة عائلته ليستقر في مدينة هامترامك، حيث نشأ وتلقى تعليمه في مدارسها العامة، قبل أن يتخرج من جامعة واين ستيت بدرجة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية والحاسوبية، حسب منصات يمنية في أمريكا.
يقول الحربي، البالغ من العمر 44 عاماً، في أحاديث متكررة عبر صفحته على فيسبوك ووسائل إعلام إن ترشحه نابع من إحساسه بالمسؤولية تجاه مدينته التي نشأ فيها، مضيفاً: "لقد كبرت هنا، وهامترامك هي بيتي. أريد أن أجعلها مدينة أفضل للجميع".
ووفق وسائل إعلام، فإن الحربي عمل سابقاً في وزارة شؤون المحاربين القدامى، ويشغل حالياً وظيفة مهندس في وزارة التجارة المحلية، كما كان عضواً في لجنة الاستئناف البلدية في هامترامك من 2017 إلى 2023، ويُعد أحد أبرز المقربين من العمدة غالب.
يحظى الحربي باحترام داخل الأوساط المحلية لما عُرف عنه من انفتاحٍ على مختلف المكونات الثقافية في المدينة، إذ يؤكد دوماً أنه "ليس مرشحاً يمنياً أو مسلماً، بل مرشحاً لكل سكان هامترامك."
يركز الحربي في برنامجه الانتخابي على تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية، مشيراً إلى أن شبكات الصرف والمياه في المدينة "متدهورة منذ أكثر من ستين عاماً"، ما يؤدي إلى تسرب كميات كبيرة من المياه.
ويقول: "نحتاج إلى خطة طويلة الأمد لاستبدال شبكات الصرف على مراحل، وجذب تمويلاً خارجياً لدعم مشاريعنا"، كما يقترح توظيف كاتب منح بدوامٍ كاملٍ لزيادة موارد المدينة المالية، وتحسين المظهر العام لجعلها وجهةً جاذبةً للسكان والمستثمرين والزوار.
ويؤكد الحربي في أحاديثه: "نريد أن نجعل هامترامك مدينةً ذات سمعةٍ طيبةٍ، مرحبةً بالجميع، تعكس التنوع والوحدة في آنٍ واحد." ومن أفكار الحربي تطوير مناطق "بنغلاداون" و"يمن تاون" و"وورلد تاون" على شارع "جوز كامبو"، بحيث تصبح مراكز ثقافية وتجارية تحتفي بتنوع المدينة العرقي.
ويقول: "هامترامك تمثل العالم في ميلين مربعين فقط، ونريد أن تكون نموذجاً للتعايش والإبداع الاقتصادي."
وفي خضم سباق رئاسة البلدية، الذي يتنافس فيه إلى جانب العضو الحالي في مجلس المدينة موهيث محمود والمرشحة بالكتابة لين بليزي، ركز الحربي على خطابٍ يدعو إلى تجاوز الانقسامات الحزبية والعرقية، رافضاً الانتماء إلى أي حزبٍ سياسي.
ويقول: "طرق المدينة لا تعرف الأحمر أو الأزرق. ما نحتاجه هو قيادةٌ تعمل للجميع، بعيداً عن الصراعات الحزبية."
ويأتي ترشح آدم الحربي امتداداً لتجربة العمدة الحالي الدكتور عامر غالب، الذي فاز عام 2021 بمنصب العمدة كأول يمنيٍ ومسلمٍ يتولى هذا المنصب في أميركا، بعد أن هاجر من منطقة العود بمحافظة إب قبل أكثر من عقدين.
وبينما يستعد غالب لمغادرة منصبه بعد ترشيحه المحتمل سفيراً للولايات المتحدة في الكويت، يرى مراقبون أن الحربي يمثل جيلاً يمنياً أميركياً جديداً، أكثر انخراطاً في العمل السياسي، وأكثر وعياً بقضايا المواطنة والمشاركة العامة.
وتُعد هامترامك، التي يبلغ عدد سكانها نحو 22 ألف نسمة، موطناً لآلاف اليمنيين والبنغلاديشيين والبولنديين وغيرهم من المهاجرين، وتشكل نموذجاً للتعايش والتنوع الديني والثقافي في الولايات المتحدة.
ويأمل الحربي، في حال فوزه، أن تكون المدينة "منارةً للتعاون والتفاهم بين جميع مكوناتها".