الرئيسية من نحن النسخة الكاملة
مصادر: إغلاق جميع المدارس اليمنية في مصر يهدد مصير ستة آلاف طالب يمني
الخميس 24 يوليو 2025 الساعة 21:35

أكدت مصادر مطلعة لـ"المصدر أونلاين" أن السلطات المصرية أغلقت جميع المدارس اليمنية العاملة في أراضيها، في خطوة "صادمة" وضعت آلاف الطلاب اليمنيين فعلياً خارج العملية التعليمية، مشيرة إلى أن القرار تم اتخاذه دون إعلان رسمي، حيث تم إبلاغ السفارة اليمنية في القاهرة به شفوياً.

وكانت السفارة اليمنية في القاهرة أعلنت، أمس الأربعاء، عن موافقة السلطات المصرية على استيعاب الطلاب اليمنيين في المدارس المصرية الحكومية والخاصة، بداية من العام الدراسي الحالي 2025–2026، في خطوة جرى الترويج لها إعلامياً باعتبارها "إنجازاً دبلوماسياً" يُحسب للسفارة اليمنية في القاهرة، وتعبيراً عن مستوى التعاون الثنائي بين مصر واليمن.

إلا أن هذا الإعلان، بحسب متابعين، يُخفي خلفه محاولة للهروب من الاعتراف بإخفاق السفارة اليمنية في إقناع السلطات المصرية باستمرار عمل المدارس اليمنية، التي كانت تستوعب أكثر من ستة آلاف طالب من أبناء الجالية اليمنية وتدرّس المنهج اليمني. ويُنظر إلى القرار المصري على أنه جزء من سلسلة إجراءات متصاعدة طالت مؤسسات تعليمية تابعة لجاليات عربية أخرى في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لما نشرته وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" وصفحة السفارة على فيسبوك، فإن الموافقة المصرية على استيعاب الطلاب اليمنيين جاءت عقب لقاء أمس الأربعاء الذي جمع السفير اليمني خالد بحاح، بمساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية السفير إيهاب فهمي، والذي ناقش عدة ملفات تخص الجالية، أبرزها التعليم، وسبل دمج الطلبة اليمنيين في النظام التعليمي المصري.

وحسب أولياء أمور ومصدر تربوي فقد عقد السفير بحاح، أمس الأربعاء اجتماعا مع إدارات المدارس خلُص إلى إبلاغهم بـ "قرار سيادي مصري بإغلاق جميع المدارس اليمنية الوطنية العاملة على الأراضي المصرية، بما في ذلك المدرسة اليمنية الحديثة التي كانت قد استوفت الشروط المطلوبة سابقاً".

وأوضحت المصادر أن السفارة أُبلغت رسمياً بهذا القرار خلال الاجتماع، الذي وصف بأنه كان "صادماً" للحاضرين، وأثار مطالبات من ممثلي المدارس بضرورة إعلان ذلك لأبناء الجالية اليمنية، بدلاً من الإبقاء على حالة الغموض حول استمرار المدارس من عدمها.

وأُشير خلال اجتماع الأربعاء إلى أن قرار الإغلاق شمل مدارس الجاليات بشكل عام، إلا أن مصادر يمنية في القاهرة أكدت لـ"المصدر أونلاين" أن المدارس التابعة لجاليات عربية أخرى لا تزال تواصل عملها. فعلى سبيل المثال، تواصل المدارس السودانية – التي يُقدَّر عددها بأكثر من 300 مدرسة ويزيد عدد طلابها عن 350 ألف طالب – تقديم خدماتها التعليمية، وحصلت على تجديد الترخيص على الأقل لعام إضافي، دون أن يشملها قرار الإيقاف. وفي المقابل، تم إغلاق المدارس اليمنية بالكامل، رغم أن عددها لا يتجاوز 14 مدرسة، وكانت تضم ما يزيد عن 6 آلاف طالب وطالبة من أبناء الجالية اليمنية.

وأثار القرار المصري قلقاً متزايداً في أوساط أولياء الأمور اليمنيين الذين أصبحوا أمام خيارات محدودة وصعبة، حيث أن الالتحاق بالمدارس المصرية يواجه تحديات كبيرة، أبرزها: صعوبة استخراج الإقامات المطلوبة، ارتفاع تكاليف المدارس الخاصة، وعدم توفر مقاعد كافية، خاصة بعد أن أغلقت المدارس المصرية باب التسجيل للعام الدراسي المقبل.

وبحسب مصادر المصدر أونلاين، فإن المأساة تتفاقم، والآلاف من الطلاب اليمنيين أصبحوا فعلياً خارج المنظومة التعليمية، مع غياب أي حلول بديلة واضحة من قبل الجهات الرسمية، مما يُنذر بكارثة تعليمية وتهديد مباشر لمستقبل آلاف الأطفال.

وتشير المعلومات إلى أن هناك محاولات لا تزال تُبذل على مستوى السفارة للحصول على استثناءات مدرسة أو مدرستين أو حلول مرحلية، إلا أن القرار النهائي قد اتُخذ، وفق تأكيدات المصادر.

تسلسل زمني

في مطلع عام 2024، وضمن جهود تنظيم العمل في السفارة اليمنية والملحقيات الفنية التابعة لها في مصر، كلّف السفير خالد بحاح الملحقية الثقافية بتولي إدارة ملف المدارس اليمنية، بما يشمل متابعة جميع الجوانب الأساسية، والتنسيق مع وزارة التربية والتعليم المصرية وكافة الجهات ذات العلاقة للإشراف على العملية التعليمية وتقييم أداء المدارس بشكل دوري.

وفي يوليو 2024، ناقش وزير التربية والتعليم، طارق العكبري، مع السفير خالد بحاح أوضاع المدارس اليمنية في القاهرة، والآليات المقترحة لتصحيح أوضاعها بما يضمن تقديم تعليم متميز يتوافق مع القوانين المصرية.

وأشار الوزير إلى إعداد الوزارة لائحة تنظيمية للمدارس اليمنية في الخارج، تتضمن شروط الإنشاء وآليات العمل والرقابة، مثمنًا دور السفارة والملحقية في إدارة هذا الملف.

وفي أكتوبر 2024، أغلقت السلطات المصرية نحو 15 مدرسة يمنية، بالإضافة إلى مدارس تابعة لجاليات عربية أخرى، بسبب عدم حصولها على التراخيص اللازمة.

واستمر الإغلاق أكثر من شهرين، من أكتوبر وحتى مطلع يناير 2025، مما تسبب بحرمان ما يقارب 6 آلاف طالب وطالبة من مواصلة الدراسة خلال الفصل الدراسي الأول.

وقالت السفارة حينها إن ملف المدارس اليمنية كان من أبرز محاور لقاء الرئيس رشاد العليمي بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على هامش الدورة الثانية عشرة للمجتمعات الحضرية في نوفمبر 2024.

وفي ظل استمرار الإغلاق، صرّح السفير بحاح بأن السفارة تبذل "كافة الجهود الممكنة" لضمان استمرار تعليم أبناء الجالية، بالتنسيق مع الجهات المصرية المختصة.

كما عقد السفير بحاح اجتماعاً في نوفمبر 2024 مع مالكي ومديري المدارس اليمنية، بحضور رئيس الهيئة الإدارية للجالية، عمر بابطين، أكد خلاله أهمية التزام المدارس باللوائح المصرية، وأوضح أن السفارة تعمل على تنظيم التنسيق بين الملحقية الثقافية والمدارس لضمان جودة العملية التعليمية.

في مطلع يناير 2025، أعلنت وزارة الخارجية المصرية الموافقة على إعادة فتح المدرسة اليمنية الحديثة بصفة مؤقتة حتى نهاية العام الدراسي 2024–2025، على أن يتم فتح بقية المدارس في الموسم المقبل بعد استيفاء الشروط التنظيمية.

وفي أبريل 2025، بحث السفير بحاح مع مساعد وزير الخارجية المصري، السفير إيهاب فهمي، تداعيات إغلاق المدارس، وما نتج عنه من حرمان آلاف الطلاب من التعليم الحضوري، مشدداً على أهمية تسهيل إجراءات التحاقهم بالمدارس المصرية.

وفي مايو 2025، التقى السفير بحاح بوزير التربية والتعليم والتعليم الفني المصري، محمد عبد اللطيف، لمناقشة آلية إدماج الطلبة اليمنيين في المدارس الحكومية والخاصة، والعمل على تقنين وضع مدارس الجالية اليمنية بما يتوافق مع المعايير المصرية.

وسبق لوزير التعليم المصري، محمد عبد اللطيف، أن صرّح في لقاء تلفزيوني في سبتمبر (2024) قائلاً: من يتواجد على أرض مصر لا بد أن يدرس المنهج المصري ولا مجال لوجود أي كيانات أخرى"، مشيراً إلى أن الحد الأقصى المسموح به للمدارس التابعة للسفارات هو ثلاث مدارس فقط.

ويُقدَّر عدد اليمنيين المقيمين في مصر بأكثر من نصف مليون شخص، إلى جانب مئات اليمنيين الذين يفدون يومياً من الداخل اليمني، سواءً بغرض العلاج أو الاستثمار أو السياحة، أو لاتخاذ مصر محطة انتقال نحو الاغتراب في دول أخرى.

وأكدت مصادر وسكان يمنيون في مصر لـ"المصدر أونلاين" أن قرار سحب تراخيص المدارس اليمنية سيمثّل تحدياً كبيراً لأولياء الأمور من أبناء الجالية خلال المرحلة المقبلة، مشيرين إلى أن كثيراً من الأسر تواجه أوضاعاً معيشية صعبة نتيجة النزوح القسري، وسط حالات من التسيّب والانقطاع الدراسي.

وأوضحوا أن هذا القرار قد يدفع بعض العائلات إلى التوقف عن إرسال أبنائها إلى المدارس المصرية، سواء بسبب صعوبة التأقلم مع المنهج الدراسي المصري أو بسبب الفجوة اللغوية المرتبطة باللهجة والتفاعل اليومي داخل البيئة التعليمية.


 

 

متعلقات