تشهد مناطق سيطرة مليشيا الحوثي خلال هذه الأيام حملة واسعة لجمع الأموال وفرض الجبايات تحت ذريعة إحياء ذكرى المولد النبوي، وسط انتقادات واسعة لهذه الممارسات التي يراها مراقبون والمتضررون امتدادًا لسياسة النهب المنظم التي تنتهجها الجماعة منذ سنوات.
وتفرض المليشيا، بحسب مصادر محلية وشهادات تجار ومواطنين، رسومًا مالية وإتاوات على المحال التجارية والمؤسسات الخاصة، كما تلزم التجار وأصحاب الأنشطة الصغيرة بتوفير مولدات كهربائية لإضاءة الشوارع التي تحددها لإقامة فعالياتها، في وقت يعاني فيه السكان أوضاعًا اقتصادية ومعيشية بالغة الصعوبة.
ويرى منتقدو هذه السياسات أن المبالغ التي تنفقها الجماعة على احتفالاتها تكفي لتغطية رواتب الموظفين المقطوعة منذ نحو عشر سنوات، مؤكدين أن الإنفاق الضخم على فعاليات طائفية مستوردة من إيران يعكس استخفافًا بمعاناة المواطنين الذين يرزحون تحت الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار.
ويؤكد مراقبون أن هذه الاحتفالات تحولت إلى أداة سياسية بيد الحوثيين، تهدف إلى حشد الولاءات، وفرض أفكار وممارسات دخيلة على المجتمع اليمني بقوة السلاح، فضلًا عن استخدامها كمنصة لجمع الأموال من المواطنين والتجار بالترهيب أو الترغيب.
كما يشير متابعون للشأن اليمني إلى أن المليشيا اعتادت استغلال المناسبات الدينية، وعلى رأسها المولد النبوي، كمواسم للابتزاز ومصادرة أموال المواطنين، في ظل غياب أي التزامات حقيقية تجاه الخدمات العامة أو دفع رواتب الموظفين أو تحسين البنية التحتية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
ويرى آخرون أن هذه الممارسات تمثل جزءًا من إستراتيجية أوسع تستخدمها الجماعة لإحكام قبضتها الاقتصادية على المجتمع، عبر فرض جبايات دورية تحت مسميات مختلفة، وتوجيه عوائدها نحو تمويل أنشطتها العسكرية وخططها السياسية، على حساب الاحتياجات المعيشية والإنسانية الملحّة.
وتتزامن هذه الحملة مع تصاعد الغضب الشعبي في الشارع اليمني، حيث تتداول منصات التواصل الاجتماعي انتقادات حادة لسياسات الحوثيين، معتبرة أن ما يحدث هو "تجارة بالمناسبات الدينية" على حساب لقمة عيش المواطنين، وتحويل الدين إلى أداة للابتزاز المالي والسياسي.
وبينما تتواصل هذه الإجراءات، يبقى المواطن اليمني في مناطق سيطرة الحوثيين عالقًا بين جبايات متزايدة وخدمات متردية وأوضاع إنسانية تتدهور يومًا بعد آخر، في مشهد يلخصه ناشطون بعبارة: "المولد النبوي عند الحوثي.. موسم للنهب لا للاحتفال".