الرئيسية من نحن النسخة الكاملة
من الإمامة إلى الحوثية.. خطر متجدد يهدد وحدة اليمن (قراءة في كتاب الزبيري)
الاثنين 18 أغسطس 2025 الساعة 12:48
يمن سكاي - خاص

في سياق النضال الوطني ضد الحكم الإمامي الكهنوتي الذي جثم على صدر اليمنيين لعقود طويلة، برز محمد محمود الزبيري – الملقب بـ"أبو الأحرار" – كأحد أبرز المفكرين والمناضلين الذين أسسوا للثورة الفكرية والسياسية التي فجّرت ثورة 26 سبتمبر 1962. ومن بين مؤلفاته التي خلدت في الذاكرة الوطنية كتابه الشهير "الإمامة وخطرها على وحدة اليمن"، وهو نص يُعتبر حتى اليوم مرجعًا فكريًا وسياسيًا لفهم طبيعة الإمامة الكهنوتية وخطرها الداهم على حاضر ومستقبل اليمن.

 

مضمون الكتاب

في هذا الكتاب، يفصّل الزبيري رؤيته حول حقيقة نظام الإمامة الذي حكم اليمن، ويصفه بأنه "أكبر عدو لوحدة البلاد واستقرارها"، إذ لم يكن مجرد نظام سياسي بقدر ما كان – حسب تعبيره – "مشروعًا هدامًا يتغذى على التفرقة والجهل".
 

1.         الإمامة كعائق للوحدة الوطنية

يرى الزبيري أن الإمامة اعتمدت منذ نشأتها على إثارة النعرات المذهبية والقبلية، وزرعت الانقسام في جسد المجتمع اليمني، حتى تضمن بقاءها عبر سياسة "فرّق تسد".
 

2.         مصادرة إرادة الشعب

يشير الكتاب إلى أن الإمامة سلبت الشعب اليمني حقه في الحكم والاختيار، وحوّلت السلطة إلى امتياز وراثي محصور في أسرة بعينها، الأمر الذي قطع الطريق أمام أي مشروع وطني جامع.
 

3.         الأمية والفقر كسلاح إمامي

يوضح الزبيري أن الأئمة استغلوا الأمية والجهل والفقر لإحكام سيطرتهم على الشعب، واعتبروا التعليم والمعرفة تهديدًا وجوديًا لمشروعهم الطائفي.
 

4.         دعوة للثورة والتحرير

لا يقف الكتاب عند النقد فقط، بل يقدّم دعوة صريحة لليمنيين بضرورة التخلص من هذا النظام الكهنوتي، ويرى أن الحرية والعلم والوحدة الوطنية هي السبيل الوحيد لإنقاذ اليمن.

 

الخلفية التاريخية

كتب الزبيري هذا العمل في مرحلة صراع حاد مع الإمامة، وقد كان أحد أبرز مؤسسي "حزب الأحرار اليمنيين" في القاهرة، قبل أن يعود لقيادة الحراك الثوري ضد الإمام. وتحوّل كتابه إلى وثيقة ثورية ألهمت الضباط الأحرار وكل القوى الوطنية التي شاركت في إشعال ثورة 26 سبتمبر، التي أنهت الحكم الإمامي وأعلنت ميلاد الجمهورية.

 

أهمية الكتاب اليوم

رغم مرور أكثر من ستة عقود على الثورة، ما يزال نص الزبيري حاضرًا في الوعي اليمني، خاصة مع عودة الحوثيين – كامتداد فكري وسياسي للإمامة – إلى واجهة الصراع. فالأفكار التي حذّر منها الزبيري في منتصف القرن الماضي تتجسد اليوم من جديد، لتؤكد أن "الإمامة خطر دائم على وحدة اليمن واستقلاله".

 

 

يظل كتاب "الإمامة وخطرها على وحدة اليمن" وثيقة فكرية وسياسية كاشفة، لا تقتصر على تشخيص الماضي بقدر ما ترسم معالم الحاضر والمستقبل. فهو شهادة رجل قدّم حياته دفاعًا عن اليمن الحر الموحّد، ورمزٌ فكري خالد يعكس معركة الوعي التي سبقت وألهبت معركة التحرير.

 

 

الحوثيون.. إعادة إنتاج الإمامة بوجه جديد

ما كان يصفه الزبيري في كتابه عن خطورة الإمامة على وحدة اليمن، يتكرر اليوم بشكل أكثر وضوحًا مع جماعة الحوثي التي تُعد الامتداد المباشر لذلك النظام الكهنوتي. فالحوثيون أعادوا إنتاج مشروع الإمامة بشكل جديد، مستخدمين القوة العسكرية والدعاية الطائفية لإقامة سلطة تقوم على الاستئثار والهيمنة العائلية.

 

خطر على الوحدة الوطنية

على الصعيد السياسي، فرض الحوثيون واقعًا انفصاليًا من نوع آخر، إذ أقاموا كيانًا موازيًا في مناطق سيطرتهم، منعزلًا عن مؤسسات الدولة اليمنية، ومبنيًا على منطق "الحق السلالي". هذه السياسات جعلت من اليمن بلدًا ممزقًا بكيانات متنافرة، وهو بالضبط ما كان الزبيري يحذر منه حين اعتبر الإمامة مشروعًا لتفتيت المجتمع اليمني.

 

عسكرة الحياة وتقويض الدولة

عسكريًا، أسس الحوثيون جيشًا موازياً خارج بنية القوات المسلحة الوطنية، وكرّسوا موارد هائلة للتجنيد الإجباري والتعبئة الطائفية، مما قوض فكرة الجيش الجمهوري الجامع. كما حوّلوا صنعاء ومحيطها إلى ثكنة عسكرية، وفرضوا نظامًا أمنيًا مغلقًا يعيد إلى الأذهان صورة الحكم الإمامي الحديدي.

 

استنزاف اقتصادي ممنهج

اقتصاديًا، بنى الحوثيون اقتصادًا موازياً يقوم على الجبايات والإتاوات، وسيطروا على موارد الدولة ومؤسساتها المالية، وحوّلوا المساعدات الإنسانية إلى مصدر تمويل لآلة الحرب. هذه الممارسات تسببت في إفقار ملايين اليمنيين، ورسخت نظامًا اقتصاديًا يكرّس الانقسام بين مناطق السيطرة الحوثية وبقية البلاد.

 

تكريس الانفصال الواقعي

بهذه السياسات المتعددة – العسكرية والاقتصادية والسياسية – لم يعد الحوثيون مجرد سلطة انقلابية، بل أصبحوا قوة تفصل اليمن واقعياً إلى شطرين:

•           شطر تسيطر عليه المليشيا بعقلية إمامية مغلقة.

•           وشطر آخر يسعى جاهداً للحفاظ على ما تبقى من الدولة الجمهورية ووحدة اليمن.

 

الخلاصة

ما حذّر منه الزبيري في كتابه "الإمامة وخطرها على وحدة اليمن" يتحقق اليوم بوضوح. فالمشروع الحوثي ليس سوى نسخة مطوّرة من الإمامة، يهدد وحدة البلاد ويزرع الانقسام على كل المستويات. وكما كانت دعوة الزبيري قبل أكثر من نصف قرن إلى الحرية والوحدة، تبقى تلك الدعوة اليوم أكثر إلحاحًا في مواجهة مشروع كهنوتي يعيد إنتاج الماضي المظلم تحت شعارات جديدة.

 

لتحميل الكتاب

اتبع الرابط

https://ebook.univeyes.com/161220?utm_source=chatgpt.com

 

 

متعلقات