الرئيسية من نحن النسخة الكاملة
العلاقة بين الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر والسعودية.. تحالف استراتيجي من رحم الثورة
الخميس 18 سبتمبر 2025 الساعة 13:31

شكّلت العلاقة بين الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر والمملكة العربية السعودية محورًا أساسيًا في مذكراته، باعتبارها علاقة ممتدة ومعقّدة نسجت خيوطها منذ ستينيات القرن الماضي، وظلّت مؤثرة في مسار الأحداث السياسية في اليمن على مدى عقود.

 

بدايات العلاقة في ظل الثورة

يروي الأحمر أن المملكة كانت حاضرة منذ اللحظة الأولى لثورة 26 سبتمبر 1962 ضد الحكم الإمامي، حيث تعاملت بحذر مع التحولات، لكنها سرعان ما تحولت إلى داعم أساسي للقوى القبلية المؤيدة للجمهورية. لعب الأحمر، بصفته أحد أبرز زعماء قبيلة حاشد، دور الوسيط الذي نقل تطلعات القبائل إلى القيادة السعودية، مؤكدًا أن الدعم السعودي كان عنصرًا مهمًا في صمود القوى الجمهورية.

 

الدعم السياسي والمالي

توضح المذكرات أن المملكة قدّمت دعمًا مباشرًا لزعامات قبلية وسياسية، وكان الشيخ الأحمر في قلب هذه العلاقة. الدعم لم يكن مجرد تمويل مالي، بل شمل تعزيز النفوذ السياسي والقبلي وتنسيق المواقف في المحطات المفصلية. ويرى الأحمر أن هذه العلاقة أسهمت في تحقيق توازن داخلي في اليمن، خاصة خلال سنوات الحرب الملكية–الجمهورية وما بعدها.

 

السعودية كحليف استراتيجي

يشدد الأحمر في مذكراته على أن السعودية لم تكن مجرد جار، بل حليف استراتيجي له وللقبائل اليمنية. فقد ارتبط بها عبر شراكة سياسية قائمة على المصالح المشتركة، أبرزها حماية النظام الجمهوري من الانقلابات، وضمان بقاء التوازن بين القوى الداخلية. ويصف الأحمر هذه العلاقة بأنها "شريان دعم" ظلّ حاضرًا في مختلف المراحل، من تثبيت الجمهورية إلى مواجهة التحديات الأمنية والسياسية لاحقًا.

 

محطات توتر وانسجام

لم تخلُ العلاقة من التباينات؛ إذ يعترف الأحمر بوجود خلافات في بعض المواقف، خاصة حين كانت المصالح السعودية تتقاطع مع أولويات القوى الوطنية اليمنية. لكنه يؤكد أن هذه التباينات لم تصل حدّ القطيعة، بل كانت أشبه بمحطات عابرة سرعان ما تُعالج بحكم المصالح الاستراتيجية. ويبرز هنا دوره الشخصي كـ"جسر تواصل" بين الرياض وصنعاء، سواء في عهد الرئيس إبراهيم الحمدي أو في فترات حكم علي عبدالله صالح.

 

انعكاس العلاقة على الداخل اليمني

تكشف المذكرات عن تأثير مباشر لهذه العلاقة على موازين القوى داخل اليمن. فالدعم السعودي لزعامات قبلية وسياسية ساعد في ترجيح كفة الجمهورية أمام بقايا النظام الملكي، كما ساهم لاحقًا في تشكيل تحالفات سياسية كان الأحمر أحد أبرز عرّابيها. ويرى بعض المحللين أن هذه العلاقة لم تقتصر على البعد السياسي، بل أسست لنمط من الاعتماد المتبادل بين القبيلة والدولة والجوار الإقليمي.

 

قراءة في الدلالات

•           العلاقة تعكس إدراكًا سعوديًا مبكرًا بأهمية اليمن لأمنها القومي.

•           الأحمر استثمر موقعه القبلي والسياسي ليكون وسيطًا مؤثرًا بين اليمن والسعودية.

•           هذه الشراكة أسهمت في تثبيت الجمهورية، لكنها في الوقت ذاته أبقت القرار اليمني مرتهنًا جزئيًا بالتوازنات الإقليمية.

 

 الخلاصة:

تظهر مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر أن العلاقة مع السعودية لم تكن هامشية أو عابرة، بل شكّلت أحد الأعمدة التي استند إليها النظام الجمهوري في اليمن لعقود. علاقة جمعت بين التحالف الاستراتيجي والتأثير المتبادل، وأنتجت نموذجًا معقدًا من التداخل السياسي والقبلي والإقليمي، لا يزال أثره قائمًا حتى اليوم.

متعلقات