في وقت يعيش فيه اليمن واحدة من أعقد أزماته الاقتصادية والإنسانية منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من عقد، تتصدر المملكة العربية السعودية قائمة الداعمين لليمن عبر سلسلة من المنح المالية والمساعدات المباشرة التي ساهمت في منع الانهيار الكامل للاقتصاد وتخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين.
منحة جديدة لتعزيز الموازنة
مؤخراً، أعلنت المملكة عن تقديم منحة مالية جديدة لليمن بقيمة مليار وثلاثمائة وثمانين مليون ريال سعودي (نحو 368 مليون دولار)، وذلك عبر البرنامج السعودي للتنمية وإعمار اليمن، بهدف دعم الموازنة العامة وتغطية النفقات التشغيلية الأساسية، بما فيها دعم قطاع الطاقة والخدمات العامة.
هذه الخطوة تأتي امتداداً لمسار طويل من الدعم السعودي، الذي لم ينقطع منذ سنوات الحرب، وشكّل ركيزة أساسية في تثبيت العملة الوطنية وتخفيف الضغوط على الموازنة الحكومية.
منح كبرى خلال السنوات الماضية
خلال الأعوام الأخيرة، قدّمت المملكة حزم دعم متتالية، أبرزها:
• ديسمبر 2024: حزمة دعم بقيمة 500 مليون دولار، شملت وديعة بـ300 مليون دولار للبنك المركزي في عدن، و200 مليون دولار لدعم الموازنة.
• أغسطس 2023: منحة مالية بقيمة 1.2 مليار دولار، لدعم عجز الموازنة والرواتب والأمن الغذائي.
• فبراير 2023: إيداع مليار دولار في البنك المركزي اليمني لدعم الإصلاحات والاستقرار النقدي.
• سبتمبر 2022: منحة نفطية بقيمة 200 مليون دولار لتشغيل محطات الكهرباء في المحافظات المحررة.
• أبريل 2021: منحة مشتقات نفطية بقيمة 422 مليون دولار لتشغيل أكثر من 80 محطة كهرباء.
• يناير 2018: إيداع ملياري دولار في البنك المركزي بعدن، ما ساعد حينها على وقف انهيار العملة.
• مايو 2012: تعهد سعودي بتقديم 3.25 مليارات دولار ضمن مؤتمر "أصدقاء اليمن" لدعم التنمية والبنية التحتية.
أثر اقتصادي واجتماعي مباشر
ساهمت هذه المنح في:
• دعم استقرار العملة من خلال تعزيز الاحتياطي النقدي الأجنبي.
• تخفيف العجز الحكومي وتمكين الحكومة من دفع جزء من الرواتب والنفقات التشغيلية.
• تحسين الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصحة عبر دعم المشتقات النفطية.
• تعزيز الأمن الغذائي من خلال تمويل الاستيراد وخفض تكاليف المواد الأساسية.
تحديات أمام الاستفادة الكاملة
رغم أثر هذه المنح، يواجه الاقتصاد اليمني عقبات تعيق الاستفادة المثلى منها، أبرزها:
• الانقسام المالي والمؤسسي بين صنعاء وعدن.
• تراجع الإيرادات الحكومية جراء توقف تصدير النفط وتعدد المنافذ الجمركية.
• الاعتماد المفرط على الدعم الخارجي وصعوبة بناء اقتصاد إنتاجي ذاتي.
• الفساد وضعف الشفافية في إدارة الأموال العامة.
دعم استراتيجي مستمر
ويؤكد مراقبون أن الدعم السعودي المتواصل ليس مجرد مساعدات إسعافية، بل يمثل استثماراً في استقرار اليمن، وانعكاساً لحرص الرياض على منع الانهيار الاقتصادي في بلد يمثل عمقاً استراتيجياً وأمنياً لها وللمنطقة.
وفي الوقت الذي يتطلع فيه اليمنيون إلى حلول جذرية للأزمة الاقتصادية، تبقى المنح السعودية شريان حياة ضرورياً، يوفّر متنفساً للدولة والمجتمع، ويؤكد على متانة العلاقة بين البلدين وعمق الروابط الأخوية التي تجمعهما.