في تصعيد جديد لسياسة القمع والانتهاكات بحق العاملين في المجال الإنساني أقدمت جماعة الحوثي المسلحة على اختطاف عدد من موظفي الأمم المتحدة في العاصمة صنعاء في حادثة أثارت موجة واسعة من الإدانات الدولية ومخاوف من انعكاسها على الأنشطة الإنسانية والإغاثية في اليمن
تفاصيل الحادثة
وأكد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن جماعة الحوثي احتجزت خلال الأيام الماضية تسعة موظفين إضافيين من كوادر المنظمة الدولية ووكالاتها العاملة في اليمن ليرتفع بذلك عدد المختطفين الأمميين لدى الجماعة إلى أكثر من خمسين موظفا منذ عام 2021
وأوضح دوجاريك في تصريحات صحفية أن عملية الاحتجاز تمت بشكل تعسفي دون توجيه تهم رسمية أو السماح للمنظمة بالتواصل مع موظفيها مؤكدا أن الأمم المتحدة تطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين واحترام حصانتهم القانونية التي يكفلها القانون الدولي
إدانة أممية ودعوات للتحرك
وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ إزاء استمرار الحوثيين في استهداف العاملين في المجال الإنساني مشيرة إلى أن مثل هذه الممارسات تقوض قدرة المنظمة على تنفيذ مهامها وتقديم المساعدات الإنسانية لملايين اليمنيين المتضررين من الحرب
كما أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الحادثة بشدة داعيا إلى ضمان أمن وسلامة موظفي المنظمة ومؤكدا أن الاعتداءات المتكررة على الكوادر الأممية تمثل انتهاكا صارخا للاتفاقيات والمواثيق الدولية ولا يمكن السكوت عنها
مواقف يمنية وتحذيرات حقوقية
وفي الداخل اليمني عبرت الحكومة الشرعية وعدد من المنظمات الحقوقية عن استنكارها الشديد لهذه الجريمة معتبرة أن اختطاف موظفي الأمم المتحدة يأتي ضمن نهج ممنهج تتبعه جماعة الحوثي لترهيب العاملين في المجال الإنساني والسياسي واستخدامهم كورقة ضغط في المفاوضات الجارية
وحذرت تقارير حقوقية من أن استمرار مثل هذه الانتهاكات سيؤدي إلى شلل جزئي في العمل الإنساني داخل مناطق سيطرة الحوثيين الأمر الذي يفاقم من معاناة المدنيين ويهدد بانقطاع المساعدات الإغاثية في وقت يعيش فيه اليمن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم
خلفيات وتصاعد في الانتهاكات
وتأتي هذه الحادثة بعد سلسلة من الانتهاكات التي ارتكبتها جماعة الحوثي بحق منظمات دولية ومحلية خلال الأشهر الماضية شملت اقتحام مكاتب واحتجاز موظفين ومصادرة معدات وأموال في إطار حملة تضييق متزايدة على الأنشطة المدنية والإنسانية
ويرى مراقبون أن هذا التصعيد يعكس محاولة الحوثيين فرض قيود سياسية وأمنية على عمل المنظمات الدولية واستغلالها لتحقيق مكاسب تفاوضية خصوصا مع ازدياد الضغوط الدولية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في مناطق سيطرتها
دعوات دولية للحماية والمساءلة
ودعت جهات أممية ودبلوماسية إلى تحرك عاجل من مجلس الأمن الدولي لوقف الانتهاكات ضد الموظفين الأمميين وضمان حمايتهم مؤكدين أن الإفلات من العقاب شجع الجماعة على تكرار مثل هذه الجرائم
كما شدد محللون سياسيون على ضرورة ربط استمرار تمويل البرامج الإنسانية في مناطق الحوثيين بضمانات حقيقية لحماية العاملين الإنسانيين وإنهاء ظاهرة الاعتقال والابتزاز التي تمارسها المليشيا ضد المؤسسات الدولية
خاتمة
في ظل هذا التصعيد تتجه الأنظار إلى موقف المجتمع الدولي وقدرته على التعامل بحزم مع انتهاكات الحوثيين وسط مطالب متزايدة باتخاذ إجراءات عملية تتجاوز بيانات الإدانة
ويبقى مصير الموظفين الأمميين رهن ضغوط دبلوماسية قد تحدد مستقبل العلاقة بين المنظمات الدولية والجماعة الحوثية في بلد لا يزال يعاني من تداعيات الحرب والانقسام ويترقب أي خطوة تعيد للعمل الإنساني بيئته الآمنة ودوره الحيوي