المقدمة:
منذ انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة في سبتمبر 2014، يعيش اليمنيون تحت قبضة قمعٍ خانقة طالت كل فئات المجتمع دون استثناء. لم يسلم الصحفيون، ولا الفنانون، ولا المعلمون، ولا النساء أو الشباب، من آلة البطش الحوثية التي حولت الخوف إلى قانون، والصمت إلى وسيلة للبقاء على قيد الحياة.
تفاصيل القمع الحوثي:
لم تكتفِ المليشيا بإغلاق الفضاء السياسي والإعلامي، بل عمدت إلى تجريم الكلمة والصوت واللون.
في مناطق سيطرتها، أصبحت الصحافة جريمة، والفن خروجًا عن “الهوية الإيمانية”، والرأي المختلف خيانة.
الصحفيون في سجونها يعيشون أقسى الظروف، يتعرضون للتعذيب والعزل والحرمان من المحاكمة العادلة. أكثر من 300 انتهاك واعتقال طالت الصحفيين خلال السنوات الماضية، بينهم أربعة صحفيين صدرت بحقهم أحكام إعدام بعد محاكمات صورية، في مشهد يعكس عداء المليشيا لكل صوتٍ حرّ.
أما الفنانون، فكانوا على موعد مع القهر بصيغة مختلفة. حورب الفن والمسرح والموسيقى باعتبارها "محرمات"، وتعرض الفنانون للملاحقة والاعتقال والتشهير. رحيل الفنان علي عنبة أعاد تسليط الضوء على معاناة المبدعين في مناطق الحوثيين، حيث يُخنق الإبداع وتُغتال البسمة في مهدها.
قمع شامل طال المجتمع:
لم يسلم المعلمون والطلاب من الاستهداف، إذ حوّلت المليشيا التعليم إلى أداة تعبئة طائفية، وفرضت مناهج تكرّس أفكارها السلالية. كما حُرم آلاف الموظفين من رواتبهم منذ ثماني سنوات، ما دفع كثيرين إلى حافة الفقر واليأس والانتحار.
النساء أيضًا نلن نصيبهن من البطش، إذ وثّقت منظمات حقوقية مئات الانتهاكات ضدهن، من الاعتقال والابتزاز والتشهير إلى الحرمان من العمل والتنقل. حتى الأطفال لم يُستثنوا، حيث جُنّد عشرات الآلاف منهم في جبهات القتال، في انتهاك صارخ لكل القوانين الإنسانية.
تكميم الأفواه وإرهاب المجتمع:
تعتمد المليشيا على سياسة التخويف المنهجي لإسكات المجتمع، من خلال المداهمات، والمراقبة، وإصدار أحكام الإعدام، ومصادرة الممتلكات، وصولاً إلى “القهر النفسي” الذي دفع مئات اليمنيين إلى الانتحار.
تحت حكم الحوثي، لا مكان للمختلفين، فالجميع متهم حتى يثبت ولاؤه للجماعة.
خاتمة:
بطش الحوثيين لم يترك شريحة من المجتمع إلا وترك فيها جرحًا غائرًا. من الفنان إلى الصحفي، من المرأة إلى الطالب، الجميع يعيش تحت قبضة الخوف، بينما العالم يكتفي بالمشاهدة.
ووسط هذا الصمت، يبقى اليمني البسيط هو الضحية الأولى لسلطةٍ لا تعرف سوى لغة القهر، ولا ترى في الحياة سوى أداةٍ للسيطرة والهيمنة.