كشفت دراسة تحليلية حديثة لمعهد "كارنيغي" للشرق الا?وسط، عن تنامي نفوذ جماعة الحوثي المصنفة عالميًا بقواي?م الا?رهاب، في المنطقة، من خلال بناء تحالفات مع فصاي?ل عراقية مسلّحة موالية لا?يران، وخصوصًا قوات الحشد الشعبي.
وا?وضحت الدراسة التي ا?عدّها الباحث اليمني ا?براهيم جلال، وترجمها ا?لى العربية "بران برس"، ا?ن هذه التحالفات توفّر للحوثيين دعمًا سياسيًا واقتصاديًا وجيوسياسيًا، فضلًا عن استخدام الا?راضي العراقية لتهديد دول الخليج، وتحديدًا السعودة والا?مارات، وكذا تهريب الا?سلحة.
وطبقًا للدراسة، فقد اضطلع الحوثيون، في السنوات الا?خيرة بدور عابر للحدود كجزء من محور المقاومة المدعوم من ا?يران في المنطقة. ويتضح ذلك من خلال تعطيل الجماعة لحركة الملاحة البحرية عبر مضيق باب المندب، فضلاً عن ضرباتها بطاي?رات مسيرة وصواريخ على ا?سراي?يل نفسها.
وقالت ا?ن الحوثيين بدا?وا في استغلال قوتهم المتزايدة للحصول على نفوذ خارجي في وقت مبكر، خاصة تجاه دول الخليج. موضحًة ا?ن التعاون مع قوات الحشد الشعبي، مكّن الحوثيين من تعزيز قدرتهم وحولهم ا?لى جهة فاعلة عابرة للحدود في المنطقة، مما زاد من جرا?تهم على الانخراط في ا?عمال تصعيدية ا?و تخفيفية في الداخل والخارج.
وتوقعت ا?ن تتلقى الجماعة دعماً مستمراً من قوات الحشد الشعبي، التي لم تتا?ثر في معظمها بالا?حداث الا?خيرة. فيما ستواصل ا?يران، تمويلها وتسليحها نظراً لقيمتها المتزايدة في ظل سقوط النظام السوري وخساي?ر حزب الله في لبنان.
جذور العلاقة
تطرقت الدراسة التحليلية ا?لى جذور العلاقة بين الحوثيين والفصاي?ل المنضوية تحت قوات الحشد الشعبي، والتي قال ا?نها تعود للعام 2012، حيث ا?رسل الحوثيون مقاتلين تم دمجهم داخل مجموعات شبه عسكرية عراقية ولبنانية ا?لى سوريا لدعم نظام الا?سد، ضد الاحتجاجات الشعبية.
وفي عام 2015، قالت ا?ن الحوثيين ا?رسلوا وفدًا رفيع المستوى ا?لى العراق سعيًا للحصول على كافة ا?شكال الدعم، وخاصة من قوات الحشد الشعبي. فيما عقدت على مر السنوات اللاحقة، اجتماعات عديدة، علنية وسرية، مع مسو?ولين عراقيين وا?يرانيين وعلماء دين، بالا?ضافة ا?لى قادة فصاي?ل قوات الحشد الشعبي.
واليوم، قالت ا?ن الجماعة الحوثية، التي يُشاع ا?نها افتتحت مكتبًا سياسيًا في بغداد، تتمتع بعلاقات وثيقة مع كتاي?ب حزب الله، وحركة النجباء، وكتاي?ب سيد الشهداء، وعصاي?ب ا?هل الحق، ومنظمة بدر، وا?لوية الوعد الحق.
وا?وضحت ا?ن هذه الفصاي?ل التابعة لقوات الحشد الشعبي، تستضيف سرًا مي?ات العناصر العسكرية من الحوثيين في قواعدها، حيث يشاركون في تدريبات مشتركة وتبادل للخبرات.
ا?وجه التشابه
تحدثت الدراسة عن تتشابه الفصاي?ل الشيعية الموالية لا?يران في اليمن والعراق، موضحًا ا?نها تشمل عدة جوانب جوهرية: تشترك في رو?ى عالمية مناهضة للولايات المتحدة وا?سراي?يل، وتسعى للسيطرة على المشهد السياسي الداخلي في بلدانها، ولديها ا?جندة توسعية، وتصور ا?فعالها ضد القوات الا?مريكية في المنطقة على ا?نها مقاومة.
والا?هم من ذلك، ا?نها تشترك في نفس الداعم: ا?يران. ولذلك، لم يستغرب ا?ن يكون فيلق الحرس الثوري الا?سلامي الا?يراني، قد لعب دورًا محوريًا في تنسيق التعاون التقني والعملياتي بين الحوثيين ونظراي?هم الا?قليميين.
وا?وضحت ا?ن طهران تهدف من وراء ذلك ا?لى تسهيل تبادل الخبرات وتعزيز القدرة على العمل المشترك في ا?وقات الاضطرابات، واستخدام ا?ي جبهة محور هي الا?نسب لتوسيع النفوذ الا?يراني في المنطقة في ا?ي وقت.
استفادة متبادلة
وذكرت الدراسة التحليلية عدّة ا?وجه لاستفادة قوات الحشد الشعبي من الجماعة الحوثية، التي تمتلك خبرة عقدين في حرب العصابات ضد الحكومة اليمنية والتحالف العربي الداعم لها بقيادة السعودية منذ تدخله عسكريًا لدعمها في مارس 2015، وهو ما يساهم في تعزيز قدرة الفصاي?ل العراقية خصوصًا بما فيها تعزيز دفاعاتها الجوية.
وفي المقابل، يوفر العراق للحوثيين مزايا سياسية واقتصادية وعسكرية وجيوسياسية، ولا سيما ا?نه يمتلك حدودًا مشتركة مع السعودية تمتد على طول 811 كيلومترًا. لافتًا ا?لى هجمات سابقة انطلقت من العراق على منشا?ت شركة ا?رامكو السعودية النفطية في بقيق وخريص.
ومن خلال ترتيبات المقايضة مع فصاي?ل الحشد الشعبي، تمكن الحوثيون من تجاوز السعودية استراتيجيًا، مما وضعها ا?مام تحدٍ جيوسياسي كبير.
كما يتيح وجود الحوثيين في العراق، وفق التحليل، تهريب الا?سلحة من الا?راضي العراقية ا?لى اليمن عبر السعودية. بل وقدمت قوات الحشد الشعبي للحوثيين "وقودًا عراقيًا مجانيًا ومدعومًا بسخاء، بما في ذلك الديزل والنفط"، يتم شحنه ا?لى الحديدة من البصرة في انتهاك للحظر الدولي. غالبًا ما يتم تهريبه عبر مواني? بحرية في الا?مارات وسلطنة عمان.
وا?خيرًا، قالت ا?ن جماعة الحوثي تستطيع استخدام العراق كقاعدة لجمع الا?موال والتحويلات المالية. لافتًا ا?لى حملات نظمتها فصاي?ل عراقية لجمع التبرعات العامة لصالح الحوثيين، خاصة لدعم برنامجها للطاي?رات المسيرة. مضيفًة ا?ن هذه الديناميكيات مكنت الحوثيين من تجاوز وضعها الا?ولي كظاهرة يمنية محلية.
اعتماد ا?يراني على الحوثيين
تطرق الباحث ا?لى النكسات التي تعرض لها المحور الا?يراني في المنطقة، والتي قال ا?نها ستعيد تشكيل موازين القوى الا?قليمية لصالح خصوم المحور. ولهذا السبب، رجح ا?ن يشجع الحرس الثوري الا?يراني على تعزيز العلاقات بين الحوثيين وقوات الحشد الشعبي.
ونظرًا لتعقيدات المشهد السياسي الداخلي في العراق وتزايد الضغوط الا?مريكية على الحكومة العراقية لحل الميليشيات، توقع ا?ن تتجه ا?يران ا?لى الاعتماد على الحوثيين بشكل ا?كبر من قوات الحشد الشعبي. فمع خروج الا?سد من السلطة وتراجع نفوذ حزب الله بشكل كبير، قد ترى طهران في الحوثيون وقوات الحشد الشعبي قيمة استراتيجية ا?كبر.
ورجح ا?ن تصبح جماعة الحوثي، على عكس قوات الحشد الشعبي، الفاعل الري?يسي في الا?نشطة الا?قليمية المدعومة من ا?يران. لافتًا ا?لى تصريحات قادة الحرس الثوري الا?يراني الحاليون التي تتبنّى توجه دفع الحوثيين ا?لى صدارة المواجهة، وتشجيعهم الهجمات المشتركة بين الحوثيين وقوات الحشد الشعبي على ا?سراي?يل في ديسمبر.
وقال ا?ن هذه الهجمات المشتركة، التي لا تزال نادرة، قد تكون مو?شرًا على تعاون مستقبلي بين الحوثيون وقوات الحشد الشعبي.
تحسين الصورة
تطرق الدراسة ا?يضا ا?لى فواي?د زعم الحوثيين مواجهة ا?سراي?يل في ظل تصاعد الغضب الشعبي حيال عدوانها على غزة، موضحًا ا?ن هذا الموقف حسّن صورة الحوثيين محليًا ودوليًا. بل ساهم ا?يضًا في ا?سكات- ولو موقتًا- الانتقادات الشعبية المتزايدة ضدهم بشا?ن تقصيرهم في تقديم الخدمات، وتا?خير دفع الرواتب، وسوء ا?دارتهم للمناطق التي يسيطرون عليها.
وا?شارت ا?لى ا?ن هذا الا?مر، بالا?ضافة ا?لى رغبة ا?يران في التعويض عن انهيار النظام السوري وضعف حزب الله، قد يدفع الحوثيون ا?لى شن المزيد من الهجمات على ا?سراي?يل وعلى حركة الملاحة البحرية المرتبطة بها.
واختتم الباحث تحليله بالا?شارة ا?لى ا?ن مستقبل هذه التحالفات يعتمد على التطورات في المنطقة بغض النظر عن تحريض ا?يران، وقد تختار الجماعتان تقليص عملياتهما حفاظًا على مستقبلهما مع التراجع الكبير في قوة محور المقاومة ونفوذه.