الرئيسية من نحن النسخة الكاملة
عودة مقلقة لـ"لحصبة" وتسجيل أكثر من 2500 حالة إصابة في أربع محافظات منذ مطلع العام الحالي
الثلاثاء 8 ابريل 2025 الساعة 12:30

تشهد العاصمة المؤقتة عدن ومحافظتا لحج وأبين انتشارًا مقلقًا لمرض الحصبة، وسط تحذيرات متصاعدة من تفاقم الوضع الصحي في ظل ضعف البنية التحتية للقطاع الصحي وتراجع حملات التحصين.

وقالت مصادر طبية لـ"المصدر أونلاين" إن المستشفيات والمراكز الصحية في مديريات متعددة من المحافظات سجلت عشرات الحالات المصابة، معظمها بين الأطفال، وسط مخاوف من توسع نطاق التفشي في ظل غياب استجابة صحية عاجلة.

وحذرت المصادر من تأخر التدخل الحكومي ومنظمات الصحة، مؤكدة أن التأخر قد يؤدي إلى كارثة صحية، داعية في الوقت ذاته إلى إطلاق حملات تحصين طارئة وتكثيف التوعية المجتمعية للحد من انتشار المرض.

ففي العاصمة المؤقتة عدن، أكد مدير إدارة الترصد الوبائي بالمحافظة، د. مجدي الداعري، تسجيل 950 حالة إصابة بوباء الحصبة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري 2025، بينها 900 حالة من سكان المحافظة، و50 حالة قادمة من خارجها، إلى جانب 8 حالات وفاة.

وأوضح الداعري في تصريح خاص لـ"المصدر أونلاين" أن مديريات البريقة ودار سعد والشيخ عثمان سجلت أعلى معدلات الإصابة، نتيجة الكثافة السكانية العالية وتواجد أعداد كبيرة من النازحين، ما ساهم في سرعة تفشي المرض.

وبيّن الداعري أن حالات الوفاة توزعت بواقع ثلاث حالات في الشيخ عثمان، وحالتين في البريقة، وثلاث وفيات في مديريات "دار سعد، المنصورة، خور مكسر" بواقع حالة واحده في كل مديرية.

وأشار إلى أن نحو 85% من المصابين لم يتلقوا لقاح الحصبة، في حين أصيب 15% من الحالات رغم تلقيهم التطعيم سابقًا، ما يعكس الحاجة إلى تعزيز جهود التحصين المجتمعي ومواجهة العزوف عن اللقاحات.

أما في محافظة لحج، فقد كشف مدير مكتب الصحة العامة والسكان، د. خالد جابر، عن تسجيل 430 حالة إصابة بمرض الحصبة في عموم مديريات المحافظة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، معظمها لأطفال غير مطعّمين.

وقال جابر في تصريح خاص لـ"المصدر أونلاين" إن مديرية تبن تصدرت حالات الإصابة بـ165 حالة، تلتها مديرية الملاح بـ45 حالة، ثم ردفان بـ38، والحوطة بـ35 حالة، في حين سُجّلت 25 حالة في مديرية الحد، وبقية المديريات بأقل من 20 حالة لكل منها.

وأشار إلى تسجيل حالتي وفاة بسبب الحصبة، إحداهما في تبن والأخرى في الحد، مؤكدًا أن غالبية الإصابات تعود لأطفال لم يتلقوا اللقاح، وهو ما يزيد من خطورة المرض ومضاعفاته.

ولفت د. خالد جابر إلى أن قسم الأطفال في مستشفى ابن خلدون استقبل حتى الآن سبع حالات رقود، مع احتمالية ازدياد العدد، مؤكدًا أنه لا يوجد علاج فعال للحصبة سوى الوقاية عبر اللقاحات، داعيًا الأهالي إلى التعاون مع حملات التحصين لحماية أطفالهم من أحد أخطر أمراض الطفولة القاتلة.

وعن محافظة أبين، قال مدير مكتب الصحة في المحافظة، د. صالح الثرم، في تصريح خاص لـ"المصدر أونلاين"، إن وباء الحصبة ينتشر في مختلف المحافظات اليمنية، مشيرًا إلى أن الوضع في أبين يُعد أقل حدة مقارنة بمحافظات أخرى.

وأضاف د. الثرم أن الوضع في محافظة أبين لا يزال تحت السيطرة، مؤكدًا أن فرق الاستجابة السريعة تواصل تنفيذ حملات النزول الميداني إلى مختلف مديريات المحافظة، ضمن خطة تحزيم واحتواء انتشار الوباء.

وأوضح الثرم أن من أبرز أسباب تفشي المرض في أبين هو عزوف بعض الأهالي عن تطعيم أطفالهم، لافتًا إلى وجود حالات رفض صريح وأخرى ضمنية، بعضها يعود لأسباب دينية أو معتقدات مجتمعية خاطئة، ما ساهم في تراجع معدلات التحصين وارتفاع عدد الإصابات.

وفي السياق ذاته، قال مدير المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان، د. عارف الحوشبي، إن عودة تفشي مرض الحصبة بعد سنوات من القضاء عليه، تعود إلى عدة عوامل، أبرزها عزوف بعض الأهالي عن تطعيم أطفالهم، وانهيار منظومة التحصين جراء الحرب المستمرة.

وأضاف الحوشبي في تصريح خاص لـ"المصدر أونلاين" أن النزوح الداخلي، وانتقال غير المطعّمين من مناطق سيطرة الحوثيين، وانتشار سوء التغذية بين الأطفال، كلها عوامل ساهمت في انتشار المرض.

وأشار الحوشبي إلى أن رفض مليشيا الحوثي الرسمي لحملات اللقاح، ونشرها للإشاعات المغلوطة حوله، يمثل خطرًا كبيرًا على حياة الأطفال.

وأوضح أن ضعف الوعي المجتمعي، خصوصًا في المناطق الريفية، وتأخر اكتشاف الحالات، وصعوبة الوصول إلى السكان، ساهمت أيضًا في تفشي المرض، داعيًا إلى تضافر الجهود لتكثيف حملات التحصين والتوعية.

وفي شهر مارس الماضي، سجّلت السلطات الصحية في مأرب 663 حالة اشتباه بمرض الحصبة، بينها 70 حالة مؤكدة و10 وفيات، فيما أُبلغ في تعز عن 460 إصابة، بينها 104 حالات مؤكدة وثلاث وفيات.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعنلت تسجيل أكثر من 33 ألف حالة يُشتبه بإصابتها بمرض الحصبة، إلى جانب 280 حالة وفاة، منذ بداية العام الجاري 2024، في تفشٍ يُعد من بين الأسوأ للمرض في البلاد خلال السنوات الأخيرة.

وقالت المنظمة في بيان أصدرته أواخر نوفمبر إن الحصبة – وهي مرض يمكن الوقاية منه عبر اللقاحات – ما تزال تشكّل تهديدًا واسع النطاق في اليمن، حيث تعاني العديد من المناطق من ضعف حملات التحصين ونقص الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية، ما يفاقم من سرعة انتشار المرض وارتفاع معدلات الوفاة.

متعلقات