الرئيسية من نحن النسخة الكاملة
إضراب ملاك الكسارات وسائقي الشاحنات في مديريات شمال صنعاء احتجاجاً على نظام الجباية الحوثي
الاربعاء 16 يوليو 2025 الساعة 16:35

يواصل سائقو شاحنات نقل مادة "النيس" وأصحاب الكسارات في شمال صنعاء إضراباً شاملاً واعتصاماً مفتوحاً منذ أكثر من نصف شهر، احتجاجاً على ما وصفوه بـ"نظام جباية قسري" تفرضه ميليشيا الحوثي عليهم عبر واجهة استثمارية.

وقال محتجون في تصريحات لـ"المصدر أونلاين"، إن الجماعة فرضت شخصية نافذة تُدعى محمد أحمد الجمل، والذي يقدّم نفسه كمستثمر، في حين ينفذ في الواقع مشروعاً احتكارياً لصالح قيادات حوثية نافذة، عبر التحكم الكامل بعملية تسعير وبيع مادة "النيس"، وإخضاع الشاحنات لرسوم باهظة تحت مسميات متعددة.

وأوضحوا أن الجمل يشتري مادة "النيس" من ملاك الكسارات بالسعر السابق، ثم يبيعها لسائقي الشاحنات بسعر أعلى مع فرض رسوم تتوزع على بنود مثل "الزكاة"، و"الركاز"، و"حق المجلس المحلي"، و"رسوم تحسين وصيانة الطرق"، ما ضاعف كلفة الحمولة بنسبة تصل إلى 100%.

وقال المحتجون إن ميليشيا الحوثي وجهت النقاط الأمنية بمنع مرور الشاحنات ما لم تكن حاصلة على تصريح مرور موقع من أحد مساعدي الجمل ويدعى وليد العذري، إلى جانب استحداث نقاط تفتيش جديدة لإجبار السائقين على الالتزام بالنظام الجديد.

وتسببت هذه الإجراءات، في شلل شبه تام لقطاع البناء، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الأساسية وتوقف الأعمال، ما انعكس بشكل مباشر على العمالة اليومية التي تمثل مصدر دخل لفئات واسعة من السكان.

ورداً على ذلك، نصب المواطنون في مديريات بني الحارث وبني حشيش ونهم مخيماً احتجاجياً في منطقة الغراس، للتعبير عن رفضهم القاطع لهذه الجبايات، مطالبين الجماعة بإلغائها فورًا.

وفي 5 يوليو الجاري، أصدرت قبائل ووجهاء من المديريات الثلاث بياناً حمّلوا فيه جماعة الحوثي مسؤولية فرض هذه الإتاوات، واعتبروها "تجويعاً منظّماً وتكسّباً باسم الدولة"، داعين إلى وقف ما وصفوه بـ"الإذلال الاقتصادي" للمواطنين.

ويقول سكان محليون إن الجمل، الملقب بـ"أبو صلاح"، كان قد عمل مع المتحدث الرسمي للجماعة محمد عبدالسلام (عبدالسلام فليتة) في سلطنة عمان، ويُعتقد أنه يتبع بشكل مباشر لقيادات الصف الأول في الجماعة، وينفذ مشروع احتكار النيس في صنعاء وعدد من المحافظات الأخرى.

وسبق للجمل أن حاول تنفيذ النموذج ذاته في محافظتي إب وذمار، وفي الأخيرة، شهدت مديرية عنس في 17 يونيو الماضي هجوما مسلحاً شنّه أبناء القبائل ضد غرف تحصيل أقامها الجمل، بعد أن رفع الرسوم ونقض اتفاقاً قبلياً سابقاً، فيما تداول ناشطون حينها مشاهد تظهر إحراق غرف حديدية أقيمت كمكاتب جباية.

وكان سائقو شاحنات النيس في ذمار نفذوا إضرابا في أبريل الماضي، احتجاجاً على الإجراءات نفسها، وسط اتهامات لقيادات الجماعة بـ"اختلاق مشكلات تنظيمية" لتبرير فرض الإتاوات، وتحويل القطاع إلى مشروع مالي خاص عبر مكاتب وسطاء يتبعون نافذين في الجماعة.

وأصدرت نيابة الأموال العامة في ذمار أمراً سابقاً بالقبض على الجمل في أبريل، إلا أنه لم يُنفّذ.

وفي 25 يونيو الماضي، أصدرت نيابة الأموال العامة في صنعاء أمر قبض قهري جديداً ضد الجمل ومساعدَيه وليد العذري وبكيل الشويع، وهم جميعاً من أبناء بيت نعم في مديرية همدان.

لكن إدارة أمن الحتارش امتنعت عن التنفيذ، واكتفت بتوجيه "صورة مع التحية" للجمل، بعد أن تبين أنه مكلف رسمياً من قيادات حوثية عليا، وفقاً لمصادر محلية ومحتجين.

وقالت المصادر لـ"المصدر أونلاين" إن الجمل بدأ نشاطه عقب عودته من عمان إلى منطقة ضلاع همدان، حيث اشترى جبالاً بغرض تحويلها إلى خرسانة، لكن ضعف جودة المنتج أدى إلى فشل مشروعه، ما دفعه إلى احتكار السوق بالقوة، من خلال شراء إنتاج الكسارات بسعر ثابت وفرض تسعيرة موحدة على السائقين، ومنع أي جهة من التحميل دون إذنه المباشر، بدعم من قيادات الجماعة.

ويعود اهتمام الجماعة بقطاع "النيس" إلى ما بعد اجتياح صنعاء، إذ أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية التابعة لها في نوفمبر 2019 إغلاق 11 كسارة في ضلاع همدان، متهمة إياها بمخالفة الاشتراطات البيئية والقانونية، فيما أكد عاملون في القطاع حينها أن الهدف كان فرض جبايات باهظة وتهيئة السوق للاحتكار.

ويعكس ما يجري في قطاع النيس شمال صنعاء سياسة منهجية للهيمنة الاقتصادية تمارسها جماعة الحوثي، وسط مؤشرات بأن استمرار هذه الممارسات قد يفتح الباب أمام تصعيد قبلي وشعبي أوسع، خاصة في ظل الانهيار الاقتصادي وغياب أي سلطة قضائية أو رقابية مستقلة.

متعلقات