الرئيسية من نحن النسخة الكاملة
خمس سنوات على اغتيال الصحفي زكي السقلدي.. الحقيقة تخرج من ظلال الصمت
الاثنين 24 فبراير 2025 الساعة 17:26

خمس سنوات على اغتيال الصحفي اليمني ومراسل المصدر أونلاين في محافظة الضالع (وسط اليمن) زكي السقلدي، في جريمة لا تزال ملابساتها تلقي بظلالها على المشهد الصحفي في البلاد، في وقت تكشفت فيه تفاصيل جديدة خلال محاكمة عدد من المتهمين بتنفيذ عمليات اغتيال استهدفت صحفيين وخطباء وناشطين سياسيين.

في مساء الخامس من أكتوبر 2018، كان زكي السّقلدي، عائدًا إلى منزله بعد يوم من العمل الصحفي عندما استهدفه مسلحون يستقلون دراجة نارية، فأطلقوا عليه عدة رصاصات بالقرب من مبنى السنترال في مدينة الضالع، ما أدى إلى مقتله على الفور.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الجريمة حينها، فيما أثارت موجة إدانات واسعة في الأوساط الصحفية والحقوقية.

ورأى زملاء السقلدي أن مقتله كان جزءا من حملة واسعة استهدفت الصحفيين في اليمن خلال تلك الفترة، في ظل تصاعد حدة الصراع السياسي والعسكري في البلاد.

وبعد سنوات من الغموض، كشفت جلسات محاكمة إحدى خلايا الاغتيالات في محافظتي الضالع وعدن عن تفاصيل جديدة تتعلق بالجريمة، حيث قدم المتهم محمد الدعري خلال الجلسة السادسة عشرة من المحاكمة، اعترافات تفصيلية حول دور أفراد الخلية في تنفيذ عملية اغتيال السقلدي.

وأوضح أن هشام عبد الحميد كان يقود الدراجة النارية التي أقلّت المسلح عنتر كردوم، وهو الشخص الذي أطلق النار على الصحفي، بينما كان عماد عبد الواحد يتولى مهمة مراقبة تحركاته قبل التنفيذ.

وتدعم هذه الرواية ما ورد في الجلسة الثانية عشرة، حيث قدّم الشاهد "أبو سياف"، وهو كاتب محاضر التحقيقات، شهادته حول استجواب المتهمين، الذين اعترفوا بتنفيذ سلسلة عمليات اغتيال استهدفت شخصيات مختلفة، من بينها السقلدي.

وورد في محضر تحقيق، وقرار اتهام لعناصر خلية مسؤولة عن عمليات الاغتيال، اطلع عليها "المصدر أونلاين" وينشر تفاصيل المحضر لاحقاً، أن الخلية تضم ?? شخصا، كلهم جنود في أمن الضالع.

وتضمن محضر التحقيق، اعتراف أحد العناصر بالعمل ضمن خلية الاغتيالات، التي قال إنها مرتبطة بمدير أمن عدن الأسبق والقيادي النافذ في المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات، شلال علي شايع، وهو رئيس جهاز مكافحة الإرهاب، المعين بقرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، مطلع يناير الماضي، وأحد أبرز الشخصيات التابعة للإمارات.

وسرد المتهم قصته من بداية تعرفه على الخلية، وذهابه معهم إلى منزل "شلال"، الواقع في منطقة جولد مور بمديرية التواهي، حيث التقوا بشلال، وقال لهم، إن العمل في الخلية "من أجل الجنوب"، وعن المقابل المالي الذي يتسلمه مقابل ذلك.

وبحسب مصادر قريبة من التحقيق، فإن أفراد هذه الخلية كانوا يخططون أيضًا لاستهداف الصحفي عبدالرقيب الهدياني، الذي تلقى تهديدات متكررة قبل أن يتم إحباط المخطط.

وفي تصريح لـ"المصدر أونلاين"، قال الصحفي عبدالرقيب الهدياني إن اغتيال السقلدي كان جزءا من "مرحلة سوداء" شهدت تصاعد عمليات القتل الممنهجة ضد الصحفيين وأصحاب الرأي.

وأضاف: "نصحتُ زكي مرارا بتوخي الحذر، لكنه لم يكن يعتقد أنه مستهدف، إذ قال لي ذات مرة: "أنا خارج حساباتهم، لم أكتب ضدهم ولم أتصادم معهم"، لكنه لم يكن يدرك أن القتلة لا يحتاجون إلى مبررات كثيرة لاغتيال الأبرياء".

ويرى الهدياني أن القضية لا تنتهي عند تقديم القتلة للمحاكمة، مشيرًا إلى أن هناك جهات "نافذة" تدير مثل هذه العمليات، مضيفًا: "تحقيقات النيابة ووسائل الإعلام كشفت خيوطًا تربط هذه الاغتيالات بأجندات إقليمية، خصوصًا الدور الإماراتي في تمويل جماعات مسلحة متورطة في عمليات تصفية ضد الصحفيين".

وخلال السنوات الماضية، شهد اليمن ارتفاعًا في وتيرة العنف ضد الصحفيين، حيث قُتل وأُخفي عشرات العاملين في المجال الإعلامي منذ اندلاع الحرب في البلاد عام 2015.

وبحسب تقرير صادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود"، فإن اليمن يحتل مرتبة متقدمة في قائمة الدول الأكثر خطورة على الصحفيين، مشيرة إلى أن الأطراف المتصارعة تتحمل مسؤولية مباشرة عن عمليات القتل والاختطاف والاعتقال التي تستهدف الصحفيين.

وتؤكد المنظمة أن الإفلات من العقاب لا يزال يشكل القاعدة في معظم الجرائم التي تُرتكب ضد الصحفيين في اليمن، ما يشجع على استمرار استهدافهم دون خوف من المحاسبة.

ومع حلول الذكرى الخامسة لاغتيال زكي السقلدي، لا يزال الصحفيون في اليمن يجدون أنفسهم في مواجهة التهديدات نفسها، حيث لم تحقق السلطات تقدمًا يُذكر في ملاحقة المتورطين في الانتهاكات ضدهم.

ويؤكد زملاء السقلدي أن تغييبه ترك فراغًا كبيرًا في المشهد الصحفي بمحافظة الضالع، لكنهم يصرّون على أن صوته سيبقى حاضرًا من خلال عمله ومواقفه، حتى لو أراد القتلة إسكات الحقيقة.

متعلقات