توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة 16 مايو، بتوسيع دائرة الرد العسكري لتشمل "قيادة الحوثيين والبنية التحتية التي تتيح لهم مهاجمتنا"، في حال استمر إطلاق المسيّرات والصواريخ باتجاه دولة الاحتلال، وذلك في أعقاب غارات استهدفت ميناءي الحديدة والصليف غربي اليمن.
لكن نبرة نتنياهو بدت أقل تصعيدا مقارنة بتصريحات وزير دفاعه، الذي أعلن عزمه توجيه "ضربات موجعة" للجماعة، مؤكدا أن عبد الملك الحوثي سيكون هدفا للتصفية على غرار ما جرى لحسن نصر الله وقادة حماس.
ورغم أن هذه التصريحات تشي بتحول نوعي في الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه الحوثيين، فإن سجل العمليات العسكرية لا يُظهر توجهاً فعلياً نحو ذلك، فمسار الغارات الإسرائيلية التي تشنها الطائرات على مدى نحو عام لم يشهد استهدافا مباشرا لقيادي حوثي واحد، بل اقتصر حتى الآن على منشآت خدمية وبُنى تحتية تعتبرها إسرائيل "أهداف ردعية" تتصل بقدرات الجماعة في استهداف السفن في البحر الأحمر.
ومنذ يوليو 2024 وحتى منتصف مايو 2025، نفذ سلاح الجو الإسرائيلي ثماني عمليات جوية نوعية داخل مناطق سيطرة الحوثيين، جميعها استهدفت منشآت مدنية ومرافق حيوية كموانئ ومطارات ومصانع أسمنت ومحطات كهرباء، دون أي مؤشر على ملاحقة قادة الجماعة أو استهداف مواقع ذات طابع عسكري صرف.
هذا التباين يثير شكوكا حول جدية التهديدات الإسرائيلية الأخيرة، ومدى قدرة تل أبيب الفعلية على تنفيذها، لا سيما في ظل تقارير تذهب إلى افتقارها لبنية استخباراتية دقيقة أو حلفاء ميدانيين يمكنهم تسهيل عمليات معقدة كهذه داخل العمق الحوثي.
وتطرح التهديدات الأخيرة باغتيال عبد الملك الحوثي سؤالاً مركزياً: لماذا لم يُستهدف حتى الآن؟ لا بالغارات الأمريكية ولا الإسرائيلية. هل السبب عجز عملياتي أم توازنات استراتيجية أشمل؟
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، كانت السعودية قد قدمت للولايات المتحدة في وقت سابق قائمة من 12 قياديا حوثيا لاغتيالهم، ضمن عمليات الخطة التي أعدّها قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال "مايكل كوريلا"، بهدف شلّ الجماعة عسكريا في البحر الأحمر.
وأكدت السعودية على مركزية هذه الأهداف، وأن من شأنها أن تُقوّض قدرات الجماعة وفق الصحيفة، فيما شككت الإمارات في ذلك.
الخطة التي كان مُقدّرا لها مدة زمنية تربو على 8 أشهر، توقفت فجأة بعد شهر ونيف من انطلاقها، بقرار من الرئيس دونالد ترامب، الذي قبل وساطة عُمانية أوقفت العمليات مقابل التزام الحوثيين بعدم استهداف السفن الأميركية.
وخلال نحو عام ونصف من العمليات الأميركية ضد الحوثيين، ونحو شهرين من حملة ترامب الكثيفة، لم يُسجّل مقتل أي من القيادات الحوثية الرئيسية، فيما انحصرت الأحاديث عن نتائج الغارات الأميركية، حول استهداف قيادات عادية وغير مؤثرة لم يؤكد مقتلها بعد، ومعها عشرات المرافق المدنية، بعيدا عن مساعي تفكيك رأس القيادة الحوثية.
في السياق، تشير تحليلات متقاطعة إلى أن واشنطن، وبالتالي تل أبيب، لا تنظر إلى عبد الملك الحوثي كهدف عسكري يجب تصفيته، بل كورقة تفاوضية ضمن ترتيبات إقليمية أوسع تشمل أمن الخليج، والتطبيع، والطاقة، والملف النووي الإيراني.
أما الهدف الفعلي من العمليات، أميركية وإسرائيلية، فيبدو محصورا في تقويض القدرات الحوثية على تهديد الملاحة والمصالح الأميركية والإسرائيلية، دون المساس بالبنية السياسية للجماعة في صنعاء، والتي لا تُعدّ من أولويات واشنطن طالما تضمن عودتها إلى وضعها السابق تتحرك دون تجاوز الخطوط الحمراء.
في ضوء ذلك، تبدو تهديدات إسرائيل باغتيال زعيم الحوثيين أشبه برسائل ردع إعلامية، تصطدم بجدار من الاعتبارات العملياتية والاستراتيجية، تجعل من عبد الملك الحوثي "هدفا مؤجلا" بانتظار ترتيبات أكبر.