ألقى زعيم مليشيا الحوثي كلمة مصورة أمام المشاركين في افتتاح أعمال المؤتمر القومي العربي المنعقد في العاصمة اللبنانية بيروت، هاجم فيه من وصفهم بـ "الموالين لأمريكا" والذي قال إنهم يحاولون جرَّ الشعوب إلى حيث يتم تجريدها من كل عناصر قوتها، وإخضاعها للإسرائيلي، والدور الأمريكي والغربي.
وفي الخطاب استعرض الحوثي مساندة جماعته للقضية الفلسطينية بالفعاليات التي قال إنها بلغت أكثر من (نصف مليون فعالية)، وأنشطة التعبئة التي أقيمت تحت اللافتة ذاتها واستهدفت أكثر من مليون متدرّب تدريباً عسكرياً على حد قوله.
وأثار ظهور زعيم الميليشيا في جلسة المؤتمر المنعقد في العاصمة اللبنانية بيروت موجةً واسعة من الانتقادات والسخرية، بعد أن أظهرت صور وفيديوهات متداولة قيادات قومية وناصرية، من بينها السياسي المصري حمدين صباحي، وهم يُصغون إلى خطابه، في مشهدٍ وُصف بأنه سقوط جديد للفكر القومي في أحضان الميليشيا الطائفية المدعومة إيرانيًا منذ عقود.
في تعليق له قال الصحفي همدان العليي: "لو عرف حجم السب واللعن الذي تعرض له حمدين صباحي من عامة اليمنيين (ضحايا الحوثيين) خلال الساعات الماضية، لأعاد النظر في موقفه المخزي... هذا المسكين قرر تأييد مشروع سلالي عنصري يمثل عرقية طائفية في اليمن".
وفي تغريدة أخرى أضاف العليي: "من كانوا يتغنون بالعروبة، باتوا اليوم يحملون راية المشروع الخميني دون وعي ولا كرامة... الانتساب لهذه الأيديولوجيا اليوم عار. رحم الله جمال عبدالناصر".
وكتب الناشط سلطان الشامري على منصة "إكس": "كشفت بيروت اليوم بوضوح حقيقة ما يسمى بالقوميين العرب.. حين أبى الإمعة المصري حمدين صباحي إلا أن يجعل من مؤتمرهم سجاداً تحت أقدام الفرس، ليقف الحوثي الإيراني خطيباً فوق رقاب قطيع القوميين العرب".
الصحفي خليل العمري علّق عبر فيسبوك قائلاً: "القيادي الناصري حمدين صباحي يستضيف زعيم الحوثيين عبدالملك في المؤتمر القومي العربي الذي يُعقد في العاصمة اللبنانية بيروت".
في حين وصف عبدالباسط القاعدي وكيل وزارة الاعلام الحدث بأنه "مؤتمر قومجي بتمويل إيراني"، وكتب: "القومجي حمدين صباحي حشد مجموعة من القومجيين العرب في بيروت بتمويل إيراني ليستمعوا نهيق السيء عبدالملك الحوثي، الله على خاتمة لحقت هؤلاء القوم".
بدوره، اعتبر الصحفي محمد الضبياني أن ما جرى يمثل "انحطاطاً فكرياً وأخلاقياً"، قائلاً: "قطعان اليسار القومجي العربي وفلول إيران ومرتزقتها ومطايا المليشيات الطائفية مجتمعين تحت اسم المؤتمر القومي العربي يصغون كتلاميذ للسفاح عبدالملك الحوثي".
وذهب طارق مكرد إلى وصف المؤتمر بأنه "المؤتمر القومي الفارسي"، قائلاً: "معظم القوميين العرب تحولوا حُجاباً في إيوان كسرى، وخدام حسينيات قم، ومنظري الثورة الخمينية... حمدين صباحي أصبح منذ سنوات مجرد رادود يقدم لطميات بنغمة ثورية عروبية".
ونشر الكاتب معن دماج، تفسيراً لتاريخ علاقة المؤتمر بإيران، قائلاً: "يظهر الناس دهشة من إلقاء عبدالملك الحوثي كلمة في المؤتمر القومي العربي... والحال أن المؤتمر يتمول منذ عشرين عاماً من إيران، بعد أن كان ممولاً من صدام، لأسباب أيديولوجية بالأساس".
وبينما تتصاعد الانتقادات لمشاركة الحوثي، يرى مراقبون أن الحدث يعكس تحولاً خطيراً في مسار الحركات القومية العربية التي كانت يوماً ما تتصدر خطاب "التحرر العربي"، لتجد نفسها اليوم ـ كما يقول بعض الناشطين ـ "تحت عباءة المشروع الإيراني"، في مشهد يعيد طرح أسئلة الهوية والولاء داخل التيارات القومية في المنطقة.
وفي السياق ذاته، علّق الكاتب والسياسي محمد جميح وهو ممثل اليمن لدى اليونسكو على ذلك بسخرية وقال قائلاً: "برعاية الحوثي انعقاد المؤتمر القومي العربي الرابع والثلاثين. وهكذا… تضاءلت التيارات القومية العربية حتى انحشرت في عمامة الكهنوت!"
ورأى اخرون أن هذا المشهد يلخص ما آلت إليه التيارات القومية، التي كانت ترفع شعارات التحرر والعروبة، لكنها – كما قال – "انكمشت حتى باتت تتكئ على مشروع طائفي يتناقض مع جوهر الفكر القومي ومبادئه".