تشهد مليشيا الحوثي خلال الفترة الأخيرة حالة واضحة من التخبط الأمني والصراع الداخلي، انعكست في سلسلة البيانات المتناقضة التي تصدرها الجماعة بين الحين والآخر، معلنة ضبط ما تسميه “خلايا” مرتبطة بجهات خارجية أو أطراف سياسية، في محاولة لصرف الأنظار عن الإخفاقات المتصاعدة داخل مناطق سيطرتها.
وخلال الأسابيع الماضية، كثفت الجماعة من كشف “قضايا أمنية” دون تقديم أي أدلة أو إجراءات شفافة، فيما تتطابق معظم تلك البيانات في اللغة والتوقيت والاتهامات الجاهزة، الأمر الذي اعتبره مراقبون مؤشراً على محاولات ممنهجة للتغطية على حالات انفلات أمني وصراع أجنحة يتصاعد داخل الجماعة، خصوصاً في صنعاء وذمار وإب.
وبحسب مصادر محلية في مناطق عدة، تعيش الجماعة ضغوطاً كبيرة ناتجة عن تصاعد الخلافات بين القيادات الميدانية والسياسية حول ملفات مالية وأخرى تتعلق بإدارة الجبهات وتوزيع النفوذ. وتشير المعلومات إلى أن بعض تلك الصراعات تسببت في عمليات تصفية داخلية أو اعتقالات سرية، تحاول قيادة الجماعة إخفاءها عبر الترويج لروايات “الخلايا التخريبية”.
ويؤكد خبراء أمنيون أن الخطاب الحوثي المتكرر حول “كشف خلايا” دون تفاصيل حقيقية يعكس نمطاً واضحاً تتبعه الجماعة منذ سنوات لتبرير فشلها في ضبط الأمن، خصوصاً مع تزايد الجرائم، وانتشار السلاح، وارتفاع معدلات الخطف والسطو داخل مناطق سيطرتها، إضافة إلى تنامي موجة الاحتقان الشعبي الناتجة عن انهيار الخدمات وانقطاع الرواتب.
ويشير محللون سياسيون إلى أن لجوء المليشيا لهذه الدعاية الأمنية يهدف أيضاً إلى إعادة تعبئة أنصارها وخلق عدو خارجي دائم، في ظل حالة التصدع الداخلي، وتراجع الثقة الشعبية، وتفاقم العجز في إدارة المؤسسات المدنية والأمنية التي تسيطر عليها.
ورغم كثافة البيانات الصادرة مؤخراً، تواصل الجماعة رفض أي تحقيقات مستقلة أو السماح لوسائل الإعلام بالوصول إلى المعلومات، ما يزيد الشكوك بشأن حقيقة تلك “الخلايا” والمستفيد الفعلي من توظيفها إعلامياً وسياسياً.
ويجمع مراقبون على أن الموجة الحالية من الاتهامات ليست سوى انعكاس مباشر لعمق الأزمة التي تعيشها المليشيا، وتأكيد على فشلها في إدارة المناطق الخاضعة لسيطرتها، الأمر الذي يدفعها في كل مرة إلى صناعة “قصة جديدة” لتغطية التصدعات المتزايدة داخل صفوفها.
